209

History of Andalusian Literature (Era of the Taifas and Almoravids)

تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)

Daabacaha

دار الثقافة

Goobta Daabacaadda

بيروت - لبنان

Noocyada

طويلا، حتى أيقظت من كان إلى جانبي ضجيعا، وزدت فكدت أحيل الدمع ضجيعا ". وغني عن البيان أن الرؤية التي يرويها عن نفسه (وابن خاقان أدق في روايتها لأن ابن خفاجة كان يخرج من ذكر الحقيقة) تمثل تصوره لهذا " الفرق " الذي كان يجعله مضطرب الرؤية.
وربما كان هذا الاضطراب في الرؤية وهي الذي كان يحمله على تنويع الألوان في القصيدة، فالدنيا؟ دائما - تمثل له مجموعة من الألوان، وكل منها يجذب نظرة، وهو متحير مترجرج النظرة، حينا يبصر هذا اللون وحينا يبصر ذاك. ومع ذلك فعلينا ان نحتكم ونحن ندرس شعره إلى ما قد أسميه " قياس العادة " فقد مرنت نفسه على صور تعودها فهو يكررها ويرددها، والسر في تكرارها لا في تعودها.
تلك هي الذروة التي وصلها شعر الطبيعة في الأندلس، ومردها في الأكثر إلى التكوين النفسي للفرد الذي مارس هذا اللون من الشعر؛ وقد كان الموشح مجالا لشعر الطبيعة، غير أن قيود النغمة قد حرمته من الانطلاق الذي بلغه ابن خفاجة وقصرت همته على الصورة الجميلة، إلا بعض الألوان الجديدة في " صبوحيات " ابن زمرك، وهي مما يقع في غير هذا العصر.

1 / 215