Fardaha Cagaarka ah waa ku Dhintaan Waddooyinka Asphaltka

Cabd Ghaffar Makkawi d. 1434 AH
62

Fardaha Cagaarka ah waa ku Dhintaan Waddooyinka Asphaltka

الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت

Noocyada

ثم رثاؤها مرة أخرى وهي تبتسم وتعيدها إليك، وتقول لك لتتخلص من عينك المتسولة: عظيمة. لكنني لم أفهم منها شيئا!

هل نسيت الشحاذ وبنت السلطان؟ أعجبك التشبيه وأحببت أن تتشبث به! العربة الفخمة السوداء كانت تمرق إلى جانبك فتراها فيها - وربما عزيت نفسك بأنها رأتك - وتحث رجليك القصيرتين الغارقتين في الحذاء القديم على السير - تحت لفح شمس الظهيرة، في الشارع الطويل الذي لا يرحم، نسيته السماء فلم ترسل فيه نسمة!

دخلت إلى الحجرة التي ماتت فيها أمك، قالوا لك: إنها عندما أحست بالموت وهي راقدة في الشقة المعتمة في الدور الأول؛ طلبت أن تطلع إلى فوق، أن تشم الهواء، أن ترى نور ربنا، أشفقوا عليها من السلم؛ لكنها طلعت عليه وحدها، رفضت أن يسندها أحد، أبت أن يأخذ أحد بيدها، ارتاحت حين رأت الشمس لا تزال طالعة، قالت: أموت هنا أحسن . قال لك أخوك: أنت تعبان من السفر، اخلع هدومك واغسل وجهك.

فاطمة - هل نسيتها؟ - ستحضر لك العشاء وترتب لك السرير، نم للصبح واترك الأمر لله، هذا هو حال الدنيا.

جلست على الفراش، تحسست بيدك الجامدة الملاءة التي نامت عليها أمك، والمخدة التي وضعت عليها رأسها، حاولت أن تتصور ما رأته عيناها لآخر مرة، حاولت أن تستعيد ما فكرت فيه وهي تنادي باسمك، حاولت أن تجد دمعة واحدة؛ دمعة واحدة تفلت من عينيك الجامدتين على وجهك الجامد المشدود. جاءت وفوق رأسها صينية العشاء، تذكرتها، حاولت أن تبعد جسدها عن خيالك لتنفرد بأمك. وضعت الأكل على المائدة، رتبت الحجرة وقالت من وراء ظهرها كلاما لتعزيك، اقتربت منك وجلست على الفراش، بكت وهي تحكي لك عن أمك، عن طيبة قلبها وهي تدعو لك وتوصيها عليك، عن نفسها وقد راحت في النوم على الأرض من التعب والسهر وما تحس إلا بيد أمك على جبهتها؛ فزعت وقالت: اللهم اجعله خيرا. قالت لها أمك: نامي يا حبيبتي؛ كانت الناموسة وخفت تصحيك.

وعندما طلع النفس الإلهي كنا كلنا نائمين، أخوك أيقظني، نزلت الدموع من عيني بحرا وصرخت، أخوك ارتفع صوته وكبر ومد يده فلثمها، وأسبل عينيها وغطاها بالملاءة البيضاء؛ هذه الملاءة.

حاولت أن تبكي وأنت تسمعها، وبخت نفسك لأنك لم تذرف دمعة واحدة.

انتهيت حتى انتهت من حكايتها المملة الطويلة، اقتربت منها ومددت ذراعك وربت على كتفها (هل رأى أحد هذا؟ أنت الذي كنت تعزيها!) لما زاد بكاؤها ونهنهتها! اقتربت أكثر وطوقتها بذراعيك ومسحت الدموع من على خديها بشفتيك؛ هل في الحزن ما يدفئ الجسد؟ هل في الدموع ما يثير الحواس؟ نسيت كل شيء إلا ظمأك في الصحراء الواسعة الملتهبة، على الملاءة التي ماتت عليها أمك منذ يومين نمت مع الجسد الدافئ البديع، على المخدة التي وضعت عليها وجهها العجوز عانقت الوجه الجميل. استسلمت لك البضة الغبية، استسلمت أنت أيضا كالثور المعصوب. وعندما أغلقت الباب وراءها لتنام لم تجد النوم؛ لأن البرد كان هناك والقمر أيضا كان هناك، رآك طول الوقت ولم يدار وجهه من الخجل. وحين وجدت نفسك وحدك، وصعد الذل والضياع والندم ليخنق رقبتك؛ أخذت رأسك بين كفيك ورحت تنشج وتبكي، بكيت كما لم تبك في أي يوم، بكيت حتى خفت أن يسمعوا صوتك ويأتوا إليك ليعيدوا عليك كلامهم الممل من جديد. لما تعبت من البكاء رحت في النوم، مددت جسدك في المكان الذي تمددت عليه نفسه جثة أمك، والبرد كان هناك ولم تستطع أن تهرب منه، والقمر كان هناك يطل من زجاج الشباك المكسور، كطفل شقي يسخر منك، كطفل شاحب يستيقظ في تابوته الذهبي!

الطفل أيضا كلمتك عنه، أنت تعرف أنها كانت تأتي إلى حجرتك لتنام معك، أنت تعرف أيضا أنها لم تكن تذكره إلا لتنتقم منك، لتذلك، لتضمن ألا يتمرد جسدك مرة واحدة عليها. قالت لك بعد أن ارتدت ثوبها ونظرت في المرآة وسوت شعرها وأصلحت الأحمر على شفتيها: ماذا نفعل الآن؟ قلت في صوت مكتوم: لماذا تقولين نفعل؟ لماذا لا تسألين نفسك؟ قالت وهي تقترب منك وتتفرس عيناها الخضراوان العميقتان في عينيك اللتين طالما أحبتهما، لتتيقن ضعفك الذي لم يخف يوما عليها: ألسنا شركاء؟ قلت في عدم مبالاة كأنك أفلحت في أن تبرئ نفسك: أنت التي أردت كل هذا. قالت في هدوء وهي تشعل سيجارتها وتنظر إليك لتذكرك إهمالك في أن تشعلها لها: وأنت؟ ألم ترد شيئا؟ أبعدت عينيك وقلت في قحة دهشت أنت نفسك منها: أردت جسدك. عادت تقول في صوتها الهادئ العميق وهي تنظر من النافذة إلى الثلوج التي تتساقط على الزجاج كما كانت تفعل دائما لتريك أنها لا تحس بوجودك: نعم، أنا التي أردته. قلت في غضب مصطنع: إذن فأنت وحدك مسئولة عنه.

استطردت تقول وهي تتابع نتف الثلج الرقيقة ترف على فروع الشجر النحيلة العارية، وتلامس زجاج النافذة كأجنحة طيور بيضاء تسقط ميتة: وأنا سعيدة به؛ بشعره وعيونه وجبهته العريضة وعناده وغبائه أيضا! إنه لي، لن تستطيع قوة في الأرض أن تنتزعه مني، لا يمكنك أن تتصور كم أنا سعيدة به!

Bog aan la aqoon