Fardaha Cagaarka ah waa ku Dhintaan Waddooyinka Asphaltka
الحصان الأخضر يموت على شوارع الأسفلت
Noocyada
كان هذا في البداية هو موقفنا منها، أو كان يمكن أن يظل هو موقفنا منها؛ لولا أن تدخل بعد ذلك الأطفال والنساء. كان يمكن على أن تستمر على برنا بها، وإشفاقنا عليها، وسماعنا لسؤالها كأنه تحية منها أو واجب كتب عليها - لسبب لا ندريه ولم نهتم بالبحث وراءه - أن تؤديه كلما قابلت أحدا منا أو قابلها؛ ولكن ماذا نفعل إذا كانت الدنيا لا تخلو من الأطفال في كل وقت، وبخاصة في الصباح عندما يذهبون إلى الحقل أو الكتاب أو المدرسة، ولا تخلو أيضا من النساء الثرثارات في البيوت وعلى الترع وفي الأسواق!
وبدأت شفقتنا عليها تزداد كلما رأيناها تقف مع جماعة من الأطفال أو امرأة أو بنت صغيرة، ونسأل الله في أنفسنا أن تمر الحكاية بسلام، وبدأنا نحس أن الأمر لا بد أن يتطور إلى السخرية بها أو الرغبة في التسلي عليها، وكنا في أول الأمر نقابل ذلك بالابتسام ونراه شيئا لا مفر منه، إلى أن زادت مخاوفنا من أن ينقلب الحوار البريء بينها وبين أطفالنا ونسائنا، فيصبح مصدر أذى لها وهي التي لا يرضى بأذاها الخالق أو المخلوق. كانت تلقى الطفل أو مجموعة الأطفال فتقبل عليهم راضية باسمة، وتسألهم في حنان لا مزيد عليه: عاوز حاجة يا حبيبي انت وهو؟
فيسأل الأطفال: حاجة زي إيه يا حاجة؟
فتقول في ثقة: أي حاجة يا حبيبي؟ قول نفسك في إيه؟
ولا يصدق الأطفال، فتنهال طلباتهم: عاوز جزمة وجلابية جديدة. - عاوز كورة شراب. - وأنا عاوز كورة كاوتش. - وأنا حصالة مليانة فلوس. - وأنا عاوز أروح مصر.
وتجيب المرأة في هدوء: حاضر، حاضر يا ابني، إن شاء الله أقول لهم.
وقد يسأل أحدهم فجأة: مين همه يا حاجة؟
فتجيب مندهشة من جهله : مين؟ إخواتكم اللي فوقكم وتحتيكم؛ أولياء الله الصالحين.
ويزيط الأطفال وتتداخل هتافاتهم: طيب قولي لهم ما يتأخروش، إوعي تنسي يا حاجة: الجزمة والجلابية لازم يكونوا جداد، الحصالة يا تكون مليانة يا بلاش، ما تنسيش تطلبي ملاية جديدة لنفسك يا حاجة. يالله يا حاجة على هناك على طول. وقد تند عن أحدهم صيحة يرددها الباقون: المجنونة أهه! العبيطة أهه! بل قد يتطور الأمر فيشدها أحدهم من ذيل ملاءتها، أو يقذفها بكومة من التراب أو بحجر. فإذا تصادف مرور أحد منا نهرهم بعنف، وأنقذها من صياحهم وأذاهم، ونصحها أن تترك الأطفال في حالهم، وتكتفي بتوجيه سؤالها إلى الرجال.
هكذا، أو قريبا من هذا، مضى الأمر أيضا مع النساء؛ فلا يدري أحد أبدا ماذا يحدث له لو استوقفت امرأة في الطريق، حتى لو كنت تريد أن تسأل عن شارع أو عنوان لكان في هذا ما فيه من إثارة الريب والشكوك؟ ولو سلمت من هذا فربما لا تسلم من حديث طويل لا يعلم إلا الله متى ينتهي؟ إذ لا يعلم غيره كيف ولا متى ولا لماذا بدأ؟ المهم أن المرأة المسكينة عندما كانت تقابل امرأة في الشارع أو على باب بيتها أو في أي مكان كانت تتجه إليها بحسن نية كعادتها؛ لتسألها سؤالها الخالد الذي ربما تكون قد ورثته كما ورثت وجهها الصغير وعينيها الهادئتين وصوتها المبحوح وملاءتها التي لا تتغير، وغالبا ما تكون إجابة المسئولة على هذا النحو: حاجة إيه يا اختي اللي ها اعوزها؟ فتقول المرأة في حسن نية متجدد: اللي في نفسك يا حبيبتي! وترد الأخرى: اللي في نفسي؟ ياما حاجات في نفسي يا اختي، يعني تعرفي تجيبي لنا قرشين، ولا تهدي لي جوزي، ولا تشفي العيل، ولا تساعدينا على بناية الأودتين! وتجيب المرأة في ثقة من يعلم أن كل الطلبات مجابة بإذن الله: حاضر يا حبيبي، طلبك مجاب إن شاء الله، حاضر يا عيني.
Bog aan la aqoon