Hinduusiyada: Hordhac Kooban
الهندوسية: مقدمة قصيرة جدا
Noocyada
إن إطلاق صفة الدين على الهندوسية يثير السؤال التالي: «ما المقصود بالدين؟» إن مصطلح «الدين» غربي الأصل؛ فيرجع إلى اللغة اللاتينية، وكان يعني في الأساس العلاقة بين الناس وآلهتهم. وفي دراسة الأديان، كان المثال الأساسي هو المسيحية، وبتوسيع دائرة الدراسة، صارت «الأديان الأخرى» هي الأنظمة التي يحكم عليها بأنها مشابهة للمسيحية، وعلى رأسها اليهودية والإسلام، وكلاهما غربي ويرتبط تاريخيا بالمسيحية، لكن الدائرة شملت أيضا الأنظمة الدينية الشرقية مثل البوذية والهندوسية. ومن السمات الأساسية للمسيحية، التي قورنت بها الأديان «الأخرى»، الإيمان برب متسام ووجود مؤسس ونص مقدس وعلماء دين ومؤسسة أو دار عبادة وأبعاد متعددة مثل الإيمان والأخلاق والأساطير والطقوس.
ومن خلال مقارنة الهندوسية بالمسيحية، نرى أنها تتضمن بلا شك إلها؛ حقيقة مطلقة واحدة والعديد من الآلهة والإلهات في واقع الأمر. لكن ليس لها مؤسس، وتشتمل على عدد هائل من النصوص المقدسة، لا كتاب واحد، ويوجد بها كهنة لا رجال دين بالمفهوم المسيحي، وليس بها مؤسسة مركزية مثل الكنيسة. والطقوس والأساطير والأخلاق مهمة في الهندوسية ، بينما لا يتمتع الإيمان بالقدر نفسه من الأهمية، ولا توجد عقيدة جوهرية وإنما بضعة تعاليم شائعة. لكن قد توجد أشياء متأصلة في الهندوسية لا تظهر بالمقارنة مع المسيحية. على سبيل المثال، تمتد الهندوسية إلى النظام الطائفي الاجتماعي الديني المعقد، والممارسات الشائعة المتنوعة التي تعد من وجهة النظر المسيحية سحرا وخرافة أكثر من كونها دينا؛ لذا، إذا كانت الهندوسية دينا، فهي مختلفة عن المسيحية إذا اعتبرنا المسيحية مقياسا معياريا للدين، فيمكننا أن نبحث عن كتب عن الهندوسية في قسم «الأديان» في المكتبات ومتاجر بيع الكتب، لكننا قد ننصح بمحاولة البحث في بعض الأقسام الأخرى أيضا.
ولقد أشار فيلسوف هندوسي معاصر يدعى سارفابالي راذاكريشنان إلى أن الهندوسية «أسلوب حياة»؛ ومن ثم، فهو يوضح أن الهندوسية لم تكن شيئا منفصلا عن المجتمع والسياسة، وعن جني المال، وممارسة الجنس، والحب، والتعليم. وشأنه شأن هندوس معاصرين آخرين، أشار سارفابالي إلى أن أقرب مصطلح يمكن العثور عليه في الفكر والممارسة الهنديين في هذا الشأن هو الدارما الهندوسية؛ أي القانون والنظام والحقيقة والواجبات الخاصة بالشعب الهندوسي.
يثير ذلك أسئلة أخرى مثل: دارما من هي المقصودة؟ ماذا يعني مصطلح «هندوسي»؟ على عكس مصطلح «الهندوسية»، الذي استخدمه للمرة الأولى مستشرقون في مطلع القرن التاسع عشر للإشارة إلى دين «الهندوس»، يرجع مصطلح «هندوسي» إلى أصل أقدم. وقد استخدمه الوافدون إلى الهند، لا سيما الفرس والترك، للدلالة على الأشخاص الذين يعيشون حول نهر السند في الشمال، ثم للإشارة بعد ذلك إلى كل من يعيشون فيما يتجاوز نهر السند؛ أي كل سكان الهند. ومن هذا المنطلق، فإن هذا المصطلح يتضمن كل البوذيين والجاينيين والدرفيديين والآريين. عندما استخدم الوافدون هذا المصطلح، لم يكن له دلالة دينية واضحة؛ إذ كان يشير فقط إلى مجموعة معرفة جغرافيا تتضمن تنوعا داخليا هائلا في اللغات والعادات. ولاحقا، بدأ الهنود الأصليون في استخدام هذا المصطلح أيضا، وإن كان ذلك فقط لتمييز أنفسهم عن المغول المسلمين والأوروبيين. لكنه لم يحمل مع ذلك غرضا دينيا، وإنما معنى عرقيا أو قوميا .
لكن معنى كلمة «هندوسي» بدأ يتغير؛ فمع اكتشاف البريطانيين للنصوص الفيدية وطائفة كهنة البرهمية وثقافتهم، بدأ استخدام هذه الكلمة لتحمل دلالة دينية (على أساس مقابلتها لمصطلح «مسيحي»). وصارت كلمة «هندوسي»، ومن بعدها «الهندوسية»، ترتبط بالتقاليد الدينية للشعب الآري، وبدأ هذا التعريف يستخدم أيضا من جانب المصلحين الهنود، وإن ظلت فكرة الشعبية والقومية مهمة في ضوء المطالبات بالحكم الذاتي للهند.
وقد كان معنى «الهندوسية» وصلاحيتها كدين موضوعا للكثير من المناقشات بين علماء الدين مع نمو المعرفة بأصولها، لكن أكثر ما أثار النقاش حول هذا المصطلح هو الوعي بالتعقيد الداخلي للهندوسية؛ فهي لا تتضمن أقسام الفايشنافية والشيفية والشاكتية الرئيسية فحسب، وإنما تقدم أيضا مجموعة متنوعة من التوجهات الفلسفية المختلفة، والآلاف من الآلهة وما يرتبط بها من أساطير ورموز، وعددا لا يحصى من الممارسات الطقسية. وتشتمل أيضا على البرهمية التي يشار إليها عادة بالحركة المحافظة أو التقليدية في الهندوسية، بالإضافة إلى التحديات الهندوسية للبرهمية مثل تلك التي تناولناها في الفصل السابع. وبعد ذلك، توجد التقاليد القروية التي تتجاوز البرهمية إلى الممارسات العملية والسحرية والروحية. وعندما يشير الباحثون اليوم إلى «الهندوسية»، فإنهم يقصدون كل هذه الحركات والتقاليد والمعتقدات والممارسات. ويفسر ذلك جاذبية المصطلح الآخر المذكور في عنوان هذا الفصل؛ ألا وهو «صور الهندوسية المتعددة». يبدو بلا شك أن ثمة صورا متعددة للهندوسية، لا هندوسية واحدة، لكن ذلك يثير مزيدا من الأسئلة؛ هل هذه الصور مرتبطة بعضها ببعض؟ وإن كانت كذلك، فما الرابط بينها؟
إن مسألة العلاقة بين الحركات والتقاليد والمعتقدات والممارسات الدينية المختلفة في الهند مسألة صعبة، وقد حدد العديد من المعلقين الهندوس وغير الهندوس روابط محتملة، لا سيما النظام الطائفي، وسلطة «فيدا»، ومفهوم الدارما، والهوية الآرية. على الجانب الآخر، اعترض آخرون بقوة على صحة هذه الادعاءات. وإذا ألقينا نظرة عامة الآن على الموضوعات المتداخلة في محتويات هذا الكتاب، فسنجد أن كل ما ذكرناه من قبل، بالإضافة إلى تقاليد «رامايانا» السردية الشهيرة وتبجيل «بهاجافاد جيتا» ووجود الإله بعدة أسماء وصور ومكانة المعلم الروحاني وأرض الهند المقدسة؛ قد يشكل أيضا سمات مميزة للهندوسية. يبدو أن ثمة تشابهات بين الأجزاء المختلفة، لكن هذه التشابهات ليست دائما متماثلة، مثلما قد لا يكون لكل الأجداد والآباء والإخوة والعمات والخالات والأعمام والأخوال وأبناء العم وأبناء الخال «الأنف المميزة للعائلة» نفسها، لكنهم قد يتشابهون بعضهم مع بعض بطرق مختلفة؛ بعضها بدني والبعض الآخر يتعلق بالشخصية أو الخصال.
وإذا توسعنا في هذه الاستعارة، فسنجد أن صور الهندوسية المتعددة - شأنها شأن الأقارب داخل عائلة واحدة - يتناقض بعضها مع بعض؛ فبعضها أكثر تشابها مع صور أخرى، والبعض يختلف اختلافا شديدا عن صور أخرى. وعلى الرغم من أنه كان ينظر إلى البوذية والجاينية على أنهما نظامان هرطقيان، ولاحقا كان ينظر الهندوس أيضا إلى ديني الإسلام والمسيحية الوافدين على أنهما مختلفان اختلافا تاما عن الهندوسية، فإن ذلك لا يعني أن كل الحركات والمدارس والتقاليد داخل الهندوسية يوافق عليها الجميع على نحو متساو؛ فثمة روايات لا حصر لها عن الخلافات الهائلة بين مناصري الفروع المختلفة لمدرسة فيدانتا، وبين من اتبعوا آلهة أو معلمين روحانيين مختلفين. ولقد رأينا مدى الثورية التي انتقد وتحدى بها شعراء البهاكتي والجماعات المهمشة كبار رجال الدين البراهمة المحافظين، وهيمنتهم الاجتماعية والطقسية.
لا تعد استعارة العائلة والتشابه بها وسيلة مناسبة للربط بين صور الهندوسية المختلفة أو الجوانب المرتبطة بها فحسب، وإنما تساعدنا أيضا على رؤية أهمية السلطة داخل الهندوسية. من السهل للغاية تجاهل هذا العامل عند التفكير في الدين، لا سيما في العصر الحالي الذي يتم التأكيد فيه عادة على الروحانية أكثر من عناصر الدين الأخرى. ولقد أكد الكثير من الكتاب الهندوس على هذه النقطة؛ فالهندوسية، بوصفها دارما أو «أسلوب حياة»، مرتبطة بما يشير إليه الغربيون بأنه اهتمامات «علمانية»؛ مسائل اقتصادية وسياسية واجتماعية. في الهند، لا تقتصر المناقشات حول الهوية الدينية على الدين فحسب، لكنها ليست أيضا مناقشات سياسية أو اجتماعية فقط تحت ستار ديني؛ فمثلما يحاول أفراد الأسرة توصيل أصواتهم، وإن كان ذلك للهيمنة على النقاشات اليومية، يجاهد الأفراد الهندوس والجماعات الهندوسية بكل السبل للتأكيد على معتقداتهم والتزاماتهم ومصالحهم الطائفية ووجهات نظرهم المذهبية. (2) البقرة والهندوسية
ينقلني ذلك إلى المرحلة الأخيرة من هذا التناول لموضوع الهندوسية؛ ألا وهي تقييم ما تعنيه الهندوسية للهندوس المعاصرين وكيفية استخدامهم لهذا المصطلح. وسأستعين في ذلك بالبقرة؛ لأن مصيرها، كرمز، مشابه لمصير الهندوسية ذاتها.
Bog aan la aqoon