Xigmadda Galbeedka Qeybta Koowaad
حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي
Noocyada
المسيحية المبكرة
كانت الفلسفة في العصر اليوناني الروماني - كما هي اليوم - مستقلة في الأساس عن الدين. صحيح أن الفلاسفة يمكنهم أن يطرحوا أسئلة يمكن أن تكون لها في الوقت ذاته أهمية بالنسبة إلى من تعنيهم المسائل الدينية. غير أن المنظمات الكهنوتية لم يكن لها تأثير أو سلطة على مفكري تلك العصور، ومن هنا فإن الفترة الواقعة بين سقوط روما ونهاية العصور الوسطى تختلف في هذه الناحية عن العهد السابق والعهد اللاحق لها، فقد أصبحت الفلسفة في الغرب نشاطا يزدهر تحت رعاية الكنيسة، وفي ظل توجيهاتها، ولهذه الظاهرة أسباب عدة؛ ذلك لأنه عند انهيار الإمبراطورية الرومانية الغربية، كانت مهام الأباطرة الآلهة عند الرومان قد توزعت بين سلطتين.
فمنذ أن أصبحت المسيحية عقيدة الدولة في عهد قسطنطين، استحوذت الكنيسة على جميع المسائل المتعلقة بالله والعقيدة، تاركة للإمبراطور الاهتمام بالشئون الدنيوية، وظلت سلطة الكنيسة قائمة لا ينازعها من حيث المبدأ شيء، وإن كانت قد أخذت تتناقص بالتدريج، حتى قضت حركة الإصلاح الديني على سيطرتها عندما أكدت أن علاقات الإنسان بالله ذات طابع شخصي، ومنذ ذلك الحين أصبحت الكنائس أدوات في يد الدول القومية الناشئة.
وعلى حين أن التوارث الدنيوي (العلماني) في المعرفة ظل مستمرا لبعض الوقت في الأجزاء الوسطى من الأساس القديمة، فإن الشمال البربري لم يكن يملك تراثا كهذا لكي يعود إليه، وهكذا أصبحت فيه معرفة القراءة والكتابة وقفا على أعضاء الكنيسة، أو رجال الإكليروس
Clerics ، وهو تطور تاريخي ما زالت ذكراه باقية في الكلمة الإنجليزية الحديثة
Clerk (ومعناها كاتب، أو «شخص متعلم»)، وقد عملت الكنيسة على المحافظة على ما تبقى من تراث الماضي، وأصبحت الفلسفة فرعا من فروع المعرفة يستهدف تبرير سيطرة الكنيسة والساهرين على حمايتها، ولكن كانت هناك أنواع أخرى من التراث تكافح من أجل السيطرة، منها التراث الروماني القديم الذي كان تدهوره قد أدى إلى بروز دور الكنيسة في الأصل، ومنها التراث الجرماني الجديد الذي انبثقت منه تلك الأرستقراطيات الإقطاعية التي حلت محل التنظيم السياسي للإمبراطورية القديمة.
ولكن لم يكن أي من أنواع التراث هذه ممثلا بفلسفة اجتماعية متماسكة، فكان ذلك من أهم الأسباب التي جعلته عاجزا عن تحدي سلطة الكنيسة بنجاح، ولكن منذ النهضة الإيطالية التي بدأت منذ القرن الرابع عشر، أخذ التراث الروماني يعيد تأكيد ذاته بالتدريج، كما أن التراث الروماني انطلق مع حركة الإصلاح الديني في القرن السادس عشر، أما خلال العصور الوسطى فقد ظلت الفلسفة وثيقة الصلة بالكنيسة.
ولقد برزت في هذه الفترة ثنائيات أخرى كثيرة كانت موجودة في حالة كمون، إلى جانب الاستعاضة عن الإمبراطور الإله بسلطتي البابا بوصفه ممثلا لله من جهة، والإمبراطور من جهة أخرى.
فهناك تلك الثنائية الملموسة بين اللغة اللاتينية واللغة التيوتونية؛ إذ إن سلطة الكنيسة ظلت لاتينية، على حين أن الأساس سقطت في أيدي الخلفاء التيوتونيين للغزاة البرابرة. وظلت الأساس تعرف باسم الأساس الرومانية المقدسة للأمة الألمانية، حتى سقطت تحت وطأة هجمات نابليون، ثم يأتي بعد ذلك انقسام الناس إلى رجال لاهوت وأناس عاديين، وكان الأولون هم حماة العقيدة القديمة، ولما كانت الكنيسة قد قاومت بنجاح تأثير عدة حركات منشقة عنها، وذلك في الغرب على الأقل، فقد أدى ذلك إلى دعم كبير لمركز رجال الدين. ولقد كان بعض الأباطرة المسيحيين في الفترة الأولى متعاطفين مع الأريانية
Arianism ،
Bog aan la aqoon