Xigmadda Galbeedka Qeybta Koowaad

Fuad Zakariyya d. 1431 AH
184

Xigmadda Galbeedka Qeybta Koowaad

حكمة الغرب (الجزء الأول): عرض تاريخي للفلسفة الغربية في إطارها الاجتماعي والسياسي

Noocyada

التي كانت قد تحولت بدورها إلى الكاثوليكية، وكانت تكبره بأعوام كثيرة، ولكنها أصبحت أما وعشيقة له في آن معا. وقد قضى روسو جزءا كبيرا من السنوات العشر التالية في بيتها. وفي عام 1743م أصبح سكرتيرا للسفير الفرنسي في البندقية، ولكنه استقال حين تأخر راتبه في الوصول. وفي باريس التقى حوالي عام 1745م بتيريز لوفاسير

Therese le Vasseur ، وهي خادمة عاش معها منذ ذلك الحين بوصفها زوجة له، مع دخوله في مغامرات أخرى من آن لآخر في نفس الوقت. وقد أنجبت له خمسة أطفال أخذوا جميعا إلى دار اللقطاء. أما سبب ارتباطه بهذه الفتاة فليس واضحا؛ إذ كانت فقيرة، قبيحة، جاهلة، ولم تكن مع ذلك شديدة الأمانة، ولكن يبدو أن عيوبها كانت تزيد إحساس روسو بالتفوق.

ولم يصبح روسو معروفا بوصفه كاتبا إلا في عام 1750م؛ ففي هذه السنة نظمت جامعة ديجون مسابقة سهلة حول مسألة ما إذا كانت الآداب والفنون قد أفادت البشرية، فنال روسو الجائزة ببحث أجاب فيه عن السؤال بالنفي، ولكن بحجج بارعة، فقال إن الثقافة عودت الناس على حاجات غير طبيعية أصبحوا عبيدا لها.

وأيد موقف إسبرطة في مقابل أثينا، وأدان العلم لأن الدوافع التي أدت إلى ظهوره كانت هابطة. وذكر أن الإنسان المتحضر فاسد، أما الفاضل بحق فهو الهمجي النبيل، وقد توسع روسو بعد ذلك في هذه الآراء في كتابه «بحث في اللامساواة» (1754م). ولكن فولتير، عندما وصلته نسخة من الكتاب في العام التالي، كال السخرية والازدراء للمؤلف، وهي إهانة أدت إلى تشاحنهما فيما بعد.

وفي عام 1754م قبل روسو دعوة للعودة إلى بلده الأصلي، جنيف، وعاد إلى الكالفينية لكي يستطيع الحصول على الجنسية. وفي عام 1762م ظهر كتاب «إميل» وهو بحث في التربية، كما ظهر كتاب «العقد الاجتماعي» الذي عرض فيه نظريته الاجتماعية. وقد أدين الكتابان: الأول بسبب العرض الذي قدمه للدين الطبيعي، والذي أغضب جميع الهيئات الدينية على السواء، والثاني بسبب اتجاهه الديمقراطي. وقد فر روسو إلى نيو شاتل أولا، ثم إلى بروسيا، وبعد ذلك إلى بريطانيا، حيث قابل هيوم، بل حصل على معاش من الملك جورج الثالث. ولكنه في النهاية تشاجر مع الجميع وتكونت لديه عقدة اضطهاد جنونية، فعاد إلى باريس حيث قضى سنواته الأخيرة في فاقة وبؤس.

كان دفاع روسو عن المشاعر في مقابل العقل واحدا من المؤثرات القوية التي شكلت الحركة الرومانتيكية. كما كان من نتائجه رسم طريق جديد للاهوت البروتستنتي يفرق بينه بوضوح وبين المذهب التوماوي الذي تابع التراث الفلسفي للقدماء. كان الطريق البروتستنتي الجديد يستغني عن براهين وجود الله، ويجعل الشعور بهذا الوجود نابعا من قلب الإنسان دون مساعدة من العقل. وبالمثل رأى روسو، في ميدان الأخلاق، أن مشاعرنا الطبيعية تهدينا إلى الطريق الصحيح، على حين أن العقل يضللنا. ولا شك أن هذا الموقف الرومانتيكي مضاد تماما لأفلاطون وأرسطو والحركة المدرسية، وهو نظرية شديدة الخطورة، لأنها عشوائية تماما، وتقر أي نوع من الفعل ما دام يرتكز على دعائم انفعالية لدى فاعله. ولقد جاء العرض الذي قدمه روسو للدين الطبيعي في ثنايا كتاب «إميل» وعرض بتوسع في «اعترافات قس من سافوي». والواقع أن اللاهوت العاطفي الجديد الذي أتى به روسو لا يمكن مهاجمته، بمعنى معين، لأنه يقطع صلته بالعقل على طريقة أوكام، منذ البداية الأولى.

أما كتاب «العقد الاجتماعي» فقد كتب بروح مختلفة؛ إذ نجد فيه روسو في أحسن حالات كتابته النظرية. وفيه يقول إن الأفراد حين يفوضون حقوقهم للجماعة ككل، يفقدون جميع حرياتهم. صحيح أن روسو يترك مجالا لنوع من التحوط، حين يقول إن الإنسان يحتفظ بحقوق طبيعية معينة، ولكن هذا يتوقف على افتراض مشكوك فيه، هو أن الحاكم سيحترم هذه الحقوق على الدوام، بينما الحاكم نفسه غير خاضع لأية سلطة أعلى، وإرادته هي «الإرادة العامة»، وهي نوع من الحكم المركب الذي ينفذ قسرا على أولئك الذين قد لا تتفق معه إرادتهم الفردية.

وعلى الرغم من أن الكثير يتوقف على المقصود بالإرادة العامة، فإن روسو لسوء الحظ لا يشرحها بتوسع. ويبدو أن المقصود بالنظرية هو أننا، إذا تركنا جانبا المصالح المتعارضة للأفراد، يبقى من وراء ذلك نوع من المصلحة الذاتية يشتركون فيه جميعهم. ولكن روسو لا يتابع هذه الفكرة أبدا حتى يستخلص نتائجها النهائية. وهو يرى أن الدولة التي تسير وفقا لهذه المبادئ لا بد لها أن تحظر أي نوع من التنظيمات الخاصة، وخاصة تلك التي تستهدف غايات سياسية واقتصادية، وهكذا تكتمل لدينا جميع عناصر نظام شمولي، وعلى الرغم من أن روسو يبدو على وعي بذلك، فإنه لا يبين لنا كيف يمكن تجنب هذه النتائج. أما عن إشاراته إلى الديمقراطية فلا بد أن نفهم منها أنه كان يتحدث عن مدينة الدولة القديمة، لا عن الحكومة النيابية. وبالطبع فقد أسيء فهم الكتاب أولا في أوساط أولئك الذين عارضوا نظرياته، وفيما بعد في أوساط زعماء الثورة الذين أيدوه.

لقد اتخذ التطور الذي طرأ على الفلسفة الأوروبية بعد ديكارت، كما رأينا، اتجاهين مختلفين؛ فهناك من جهة مختلف المذاهب العقلية التي ظهرت في القارة الأوروبية، وهناك من جهة أخرى الخط العام للتجريبية الإنجليزية، ويتصف الاتجاهان معا بالذاتية، من حيث إنهما معنيان بالتجربة الخاصة. فقد أخذ لوك على عاتقه مهمة القيام ببحث أولي لمعرفة نطاق الذهن البشري. وكانت المشكلة الكبرى، التي أبرزها هيوم على أوضح نحو، هي كيفية تفسير الروابط بين الظواهر، وكانت إجابة هيوم هي أننا نكون عادات معينة تجعلنا نرى الأشياء مرتبطة. وكما أوضحنا من قبل، فقد تجاوز هيوم حتى في قوله هذا، ما تسمح مقدماته به ، لو التزم الدقة التامة، ومع ذلك فإن في هذه العبارة إشارة إلى إحدى الطرق الممكنة لحل هذه الصعوبة. والواقع أن قراءة «كانت» لهيوم هي التي أيقظته من سباته الدجماطيقي (اليقيني الجامد)، فقد ارتقى كانت بتلك العادة التي تحدث عنها هيوم إلى مرتبة المبدأ العقلي، وبذلك تخلص ببساطة من مشكلة هيوم، وإن كان قد كبل نفسه بالطبع بصعوبات أخرى جديدة خاصة به.

ولد إيمانويل كانت (1724-1804م) في كونجزبرج، في بروسيا الشرقية ولم يبارح بلدته الأصلية أبدا طوال حياته. وقد ظل محتفظا منذ نشأته الأولى بجانب من نزعة الورع

Bog aan la aqoon