كان العهد الأول: عهد الشعر الديني، والثاني: عهد الشعر الأيبيقي «القصصي»، والثالث: الليريقي أو الغنائي.
امتاز العهد الأول الذي يرجع إلى ما قبل المسيح بأربعة قرون بالأفستا، والثاني يمتاز بالشاهنامة التي حاك بردها الفردوسي، أسد الشعراء القصصيين وبطل الأيبوبية، ولكن تاريخ هذا العهد لا يمكن تعيينه بالدقة.
أما الشعر الغنائي «ليريقي» فقد ظهر فجأة بعد قرنين من تاريخ فتوح العرب، وسبب هذا أن الفرس بعد أن استردوا شيئا من حريتهم ظهرت مواهبهم العليا، وتجلت عبقريتهم، ومن ذاك الحين نما عدد الشعراء بكثرة وافرة حتى أصبح حصرهم مستحيلا؛ لأن الشعر الغنائي لا يظهر إلا إذا أصبح كل مخلوق مفكرا شاعرا قادرا على التغني بعواطفه، وإظهار أحوال نفسه.
أما العهد الثاني الذي كانت العواطف الدينية فيه هي الدافع للشعراء والكتاب، فقد امتاز - كما ذكرنا - بالأفستا، وهي مجموعة كتب أمة البارصية، أو عباد زوروسترا ، وهي مقسمة إلى خمسة أناشيد؛ النشيد الأول: صلاة لأرباب الأرض والسماء والهواء، كان يتغنى بها المتعبدون خلال التضحية، واسمه الياسنا.
والثاني: واسمه الفسبرية، وهو تكملة الياسنا.
والثالث: الفنديداد، وهو قانون ديني للفرس العتيقة، وفيه بيان لأصول عقيدة الماثنية.
الرابع: إلياشتس، وهو دعوات للأرباب المتحكمة في أيام السنة، لكل منها دعوة.
والخامس: الخوردا أفستا، وهو صلوات للشمس والقمر والماء والنار خاصة.
والأدب القصصي بدأ تقريبا من القرن العاشر للمسيح، وفي عهده ذاع فضل الشعراء وبان فضلهم، وقربهم الملوك. وأشهر شعراء هذا العهد الفردوسي أبو القاسم الجليل مؤلف الشاهنامة أو ديوان الملوك، وقد خلد فيه صورة الروح الشرقي الذي تتنازعه عواطف الحب والخيال، وتلا الفردوسي خسرو، من شعراء القرن الرابع عشر للمسيح، والجامي بعده بجيل ومستوف وعبد الله الحليفي والكمالي وأبو طالب من شعراء السابع عشر، وأشرات في الثامن عشر، وجابة المتوفى عام 1822، وهو آخر شعراء هذا العهد الجليل.
والشعراء الغنائيون يبدأ عهدهم في القرن الحادي عشر، وقد عاش معظمهم في بلاط السلطان محمود الذي ورد ذكره في قصائدهم وتآليفهم، ومن هؤلاء سوى الفردوسي: منبو تشهر، والأسدي، والأصوري، وكروماريا، والأنوري، وأفضلهم بعد الفردوسي منبو تشهر الذي تمثلت فيه روح الفرس الشعرية. وقد كان للصوفية نصيب من التأثير في الشعر الفارسي. وهذا رأي الكثيرين من الثقات في الأدب الفارسي، ونحن نخالفهم في هذا الرأي لا سيما فيما يتعلق بالخيام وحافظ، وقد يصح عن السعدي. وقد ذكروا بين الشعراء الغنائيين الصوفيين: الخيام صاحب الرباعيات، وفريد الدين العطار صاحب منطق الطير، وجلال الدين الرومي صاحب المثنوي، فالسعدي صاحب البستان والجولستان، فحافظ الشيرازي.
Bog aan la aqoon