Sheekooyinka Andersen ee Mala-awaalka: Qaybta Koowaad
حكايات هانس أندرسن الخيالية: المجموعة الأولى
Noocyada
مرا معا على ورود وأشجار زان يانعة، لكن ظل عبق شجرة البيلسان أقوى منها كلها، فقد كانت زهورها تتدلى حول قلب الفتاة الصغيرة، الذي كان الفتى كثيرا ما يستند إليه برأسه أثناء تحليقهما.
ثم وقفا في أيكة من أشجار الزان مغطاة بالأوراق الخضراء النضرة، بينما ازدهر تحت أقدامهما الزعتر الطيبة رائحته وشقائق النعمان المتوردة اللذين بدوا رقيقين وسط الحشائش الخضراء. فقالت الفتاة: «يبدو المكان جميلا في الربيع. ليت الربيع لا ينتهي أبدا في أيكات الزان ذات العبير الطيب!»
قالت الفتاة: «للصيف بهجة هنا»، وهما يمران على قلاع الفرسان القدامى التي تحكي تاريخ أيام غابرة ويشاهدان الأسوار العالية والأسطح المسنمة المدببة معكوسة على صفحة الأنهار تحتها، حيث كان البجع يسبح متطلعا إلى الدروب الخضراء الباردة. وكانت الذرة تتمايل في الحقول يمينا ويسارا مثل أمواج البحر. وقد نبتت زهور حمراء وصفراء بين الأطلال، وغطت السياجات نباتات حشيشة دينار برية ولبلاب مزدهرة. وفي المساء ارتقى القمر السماء بدرا تاما، وملأت أكوام القش التي في المروج الهواء برائحتها الطيبة. كانت هذه مناظر لا تنسى أبدا.
قالت الفتاة: «الأجواء هنا جميلة في الخريف أيضا.» ثم تغير المشهد مجددا. وبدت السماء أكثر ارتفاعا وزرقتها أشد جمالا، بينما تألقت الغابة بألوان حمراء وخضراء وذهبية. وكانت كلاب الصيد تنطلق وراء الفرائس، وأسراب كبيرة من الطيور البرية تصيح فوق قبور شعب الهون، حيث التفت شجيرات العليق حول الأطلال العتيقة. وتناثرت الأشرعة البيضاء في البحر الداكن الزرقة، وجلست في الشون سيدات عجائز وفتيات وأطفال يضعون نباتات حشيشة الدينار في حوض كبير، بينما راح الشباب ينشدون الأغاني، والرجال العجائز يروون حكايات السحرة والساحرات. لا يمكن أن تكون هناك في العالم متعة تفوق هذه المتعة.
قالت الفتاة: «الأجواء هنا جميلة في الشتاء أيضا.» وفي لحظة غطى الصقيع كل الأشجار، فبدت مثل المرجان الأبيض. وطقطق الجليد أسفل الأقدام كأن الجميع انتعلوا أحذية جديدة، وهوت الشهب واحدا تلو الآخر من السماء. ووقفت أشجار الكريسماس في الحجرات الدافئة، تزينها الهدايا وتضيئها الشموع في جو من الاحتفالات والبهجة. وتصاعد صوت الكمان من البيوت الريفية في القرية ولعبت ألعاب استخدم فيها التفاح؛ فكان بإمكان حتى أفقر الأطفال أن يقولوا: «الأجواء جميلة في الشتاء.»
وبالفعل كانت جميلة كل المشاهد التي أرتها الفتاة للصبي الصغير، وقد ظل يفوح حولهما دائما عطر زهور البيلسان، وظل يرفرف فوقهما العلم الأحمر ذو الصليب الأبيض الذي كان البحار العجوز قد أبحر تحته. أما الفتى - الذي صار شابا، وارتحل بحارا في العالم الواسع وأبحر إلى بلاد دافئة تنمو فيها حبوب البن، الذي أعطته الفتاة الصغيرة زهرة بيلسان من فوق صدرها تذكارا، حين ودعته - فقد وضع الزهرة في كتاب الترانيم خاصته؛ وحين كان يفتحه في البلاد الأجنبية كان دائما ما يفتحه على المكان الذي وضعت فيه هذه الزهرة، وكان كلما أدام النظر إليها بدت أكثر نضارة. بل إنه كان يستطيع إن جاز القول أن يشتم عبير غابات الوطن، وأن يرى الفتاة الصغيرة تنظر إليه من بين بتلات الزهرة بعينيها الزرقاوين الصافيتين، ويسمعها تهمس إليه قائلة: «الحياة هنا جميلة سواء في الربيع أو الصيف أو الخريف أو الشتاء»، بينما يمر على ذاكرته العديد من هذه المشاهد من الوطن.
ومرت سنوات عدة، وصار الآن رجلا عجوزا، يجلس مع زوجته العجوز تحت شجرة بيلسان تفتحت زهورها بالكامل. كان كل منهما يمسك يد الآخر، تماما كما فعل الجد والجدة، ويتحدثان، مثلهما، عن الأيام الخوالي واليوبيل الذهبي للزفاف. جلست على الشجرة الفتاة الصغيرة ذات العينين الزرقاوين وزهور البيلسان في شعرها وهزت رأسها لهما وقالت: «اليوم هو اليوبيل الذهبي ليوم زفافكما.»
ثم أخذت زهرتين من إكليلها وقبلتهما، فلمعتا أولا ببريق كبريق الفضة ثم ببريق مثل بريق الذهب، وما أن وضعتهما على رأسي العجوزين حتى صارت كل زهرة تاجا ذهبيا. وهكذا جلسا مثل ملك وملكة تحت الشجرة ذات الشذى الطيب، التي ظلت تبدو مثل شجرة بيلسان. ثم حكى لزوجته العجوز قصة شجرة البيلسان الأم، كما سمعها حين كان صبيا صغيرا، وشعرا أنها تشبه كثيرا قصتهما، خاصة أكثر الأجزاء التي راقت لهما.
قالت الفتاة الصغيرة الجالسة على الشجرة: «هذا صحيح. البعض يسمونني شجرة البيلسان الأم، وآخرون يدعونني حورية الشجر، أما اسمي الحقيقي فهو الذكرى. فأنا من أجلس على الشجرة بينما تنمو وتزداد حجما، وأستطيع أن أتذكر الماضي وأحكي أشياء عدة. دعني أر ما إن كنت لا تزال محتفظا بالزهرة.»
حينئذ فتح الرجل العجوز كتاب الترانيم خاصته، فكان بداخله زهرة البيلسان، التي كانت نضرة كما لو كانت وضعت للتو فيه، فهزت الذكرى رأسها. وجلس العجوزان على رأسهما التاجان الذهبيان في حمرة شمس ساعة الشفق وأغمضا عينيهما، و... وانتهت القصة.
Bog aan la aqoon