Sheekada iyo Waxa Ku Jira
الحكاية وما فيها: السرد (مبادئ وأسرار وتمارين)
Noocyada
هل الملخص لا بد منه؟
ليس بالضرورة، وليس دائما؛ ربما تكون قصتك قصيرة للغاية، يدور موقفها الأساسي في مساحة محدودة للغاية زمنيا ومكانيا، ثم إنك قد تجد نفسك مندفعا لكتابتها مباشرة كما خطرت لك دون مقدمات وتمهيد وتمتين للفكرة الأساسية بالمرة؛ لكن، في أحيان أخرى، قد يكون مشروعك أطول قليلا؛ قصة طويلة أو رواية أو سيناريو فيلم طويل، في هذه الحالة يكون لا غنى لك عن كتابة الفكرة وإعادة صياغتها في ملخص واضح المعالم، تدرج فيه كل المعلومات الأساسية عن مشروعك، من قبيل: من شخصيتك الرئيسية؟ وما ملامحها الأساسية؟ (سالم: فلاح بسيط بالكاد يقرأ ويكتب)، وما الحدث الرئيسي الذي يقع له؟ (يجد ذات صباح جسما معدنيا مجهولا في غيطه)، وأيضا ما المكان والزمان؟ (دلتا مصر في نهاية الألفية الثانية - أو فلتكن محددا أكثر إذا كنت بحاجة إلى ذلك)، ثم نتيجة الحدث الرئيسي دون إسهاب في التفاصيل (فتنقلب حياته رأسا على عقب، وتنصب وسائل الإعلام سيركا مبتذلا في قلب حياته اليومية البسيطة). «ماذا لو؟» السؤال الذهبي
في كل مراحل عملك المبدئي على صياغة وتمتين فكرتك، ثمة أداة سحرية تتمثل في السؤال الذهبي: ماذا لو؟ لا تتوقف بالمرة - في هذه المرحلة، وربما في لحظات بعينها من مراحل تالية - عن طرح ذلك السؤال؛ ماذا لو أن قصة سالم مع الجسم المجهول الذي سقط من السماء كانت تدور بكاملها في العصور الوسطى؟ كيف سيكون رد فعل الناس؟ ماذا لو أن ابن سالم الصغير اختفى تماما في الليلة ذاتها لظهور الجسم الغريب؟ ماذا لو أن جهات عليا أخذت تضغط على سالم لإخفاء حقيقة ذلك الجسم الغريب وتكذيب الخبر، والاعتراف بأنه اختلق الأمر لغرض ما؟ عشرات الأبواب - وربما مئات - يفتحها لك هذا المفتاح الذهبي الصغير، وكل باب منها يفضي إلى عالم مختلف وتصور آخر لمشروعك. ولكن في لحظة ما عليك أن تختار بابا واحدا من بينها، وتستقر عليه وتدخل منه، فتستريح هاتفا: «وجدتها! هذه هي ...»
البحث ثم البحث ثم البحث
تخيل كاتبا شابا يريد أن يكتب قصة حب بين فتى وفتاة ينتميان إلى عائلتين متحاربتين، دون أن يقرأ مسرحية شكسبير «روميو وجولييت»، أو حتى يرى فيلما عنها. تخيل آخر يريد أن يكتب رواية عن أسرة يموت عائلها الموظف فتتدهور أحوالها بسرعة، وتختلف مصائر أبنائها دون أن يطلع على رائعة نجيب محفوظ «بداية ونهاية».
بينما تعمل على غرس بذرة نصك في أرض خيالك، قلب التربة جيدا، اكشفها للهواء والشمس، وافحص البذرة نفسها جيدا؛ هل هذه الفكرة مستهلكة؟ فإن كانت، فكيف يمكنك تجديدها واكتشاف وجهة نظر أو زاوية جديدة تتناول منها الموضوع القديم نفسه؟ اسأل أصدقاءك ومعارفك حول أعمال أدبية وفنية تدور في الأجواء نفسها، ربما تتذكر أنت بعض تلك الأعمال، فلو استطعت فعد إليها وانظر خطوط التماس بين مشروعك وبينها، ونقاط الاختلاف كذلك.
مرحلة البحث ليست ترفا أو رفاهية يمكن الاستغناء عنها، بل شيء لا بد منه؛ إذ لا بد أن تتعرف على الأرض التي تود أن تسير فيها، أن تعرف المزيد عن عالم قصتك، بالقراءة أولا، والبحث على الإنترنت ثانيا، ثم سؤال بعض المتخصصين في مجالات بعينها تحتاج إليها. يكون من المفيد لك ككاتب أن يكون لك على الدوام أصدقاء من مهن وحرف مختلفة (سوف تحتاج إلى الميكانيكي والطاهي وبائع العرقسوس، بنفس قدر احتياجك إلى المحامي والطبيب والسفير)، فإن لم يكن لك صديق منهم، فاسأل آخرين ليوصلوك بأحدهم؛ المهم ألا تتكاسل عن العثور على المعلومة الدقيقة لتضعها في المكان المناسب؛ لأن قارئك لن يسامحك أبدا إذا استغفلته وتهاونت في درجة مصداقيتك مع التفاصيل الصغيرة، والفن في نهاية الأمر هو تلك العناية بالتفاصيل الصغيرة.
وبعيدا عن الخبرات المهنية الواضحة، هناك أيضا الهوايات والغوايات: الجنون بال «فيديو جيمز»، تربية الحمام، صيد السمك، تفصيل الثياب في المنزل، وإعداد قوالب الحلوى ... تلك أشياء تعرفها عن أشخاص في محيطك بطبيعة الحال، لا تتردد في الرجوع إليهم وسؤالهم عن بعض التفاصيل، سوف يسرهم غالبا أن يكونوا مفيدين لك، وأن يتحدثوا عن الأشياء التي يحبونها، وأن يكونوا جزءا - ولو بقدر محدود - من عملية إبداعك.
تمرين
استخرج فكرة قديمة كنت وضعتها جانبا منذ فترة لسبب أو لآخر، ولتجرب معها - ولو على سبيل اللعب - قدرتك على تطويرها وتمتينها وتغذيتها بالتفاصيل، وتقليبها على جميع الاحتمالات الممكنة، مستعينا بالمفتاح الذهبي «ماذا لو؟» ومن يدري؟ ربما تكون هذه بداية مشروع الكتابة التالي لديك؛ فقط ابدأ دون تفكير طويل.
Bog aan la aqoon