الفرد والجماعة
إن المعصية خصيصة بالفرد ولا يمكن أن تكون من صفات الجماعة، مثال ذلك أن إخوة يوسف لم يتفقوا على قتله، ولكن يهوذا الشقي الخائن غدر بسيده بمفرده.
ذكر أحد الفلاسفة أن البشر يخلقون ميالين للشر بطبيعتهم، وإنني أرى من العبث أن يحاول المرء إثبات تلك النظرية أو نفيها. إنما المحقق في نظري هو أن الجزء الأعظم من الناس غير ميال للشر؛ لأنه لو فرضنا ضد ذلك وصح الفرض ما استطاعت الفئة القليلة من الميالين للخير كبح جماح الفئة الكبيرة إذا انتهكت تلك الفئة حرمة القوانين وعاثت في الأرض فسادا، وفي هذه المسألة وحدها تظهر قوة روح المدنية. إن العواطف البشرية غير موجودة إلا في عالم الخيال، ومعظمها موروث من أجدادنا، فلولا أن أجدادنا كانوا يشعرون بانعطاف نحو هذا أو ببغض نحو ذاك، ويستحسنون أمرا أو يستهجنونه، ما ظهرت عواطفنا بالمظهر الذي نراه، فإذا أمرونا أن ننظر إلى الإنسان بعين البصيرة، فلا بد لنا من العمل على ترقية العقل البشري؛ لأن في هذه الترقية وحدها مفتاح النشوء الإنساني، بل هي الغرض الوحيد الذي يسعى إليه المشترعون في جميع العصور، ولا يبقي على جهل الأمة إلا الحاكم الظالم الذي يريد أن يخدعها ويحكمها لمجرد نفعه الذاتي؛ لأنه كلما استنار الشعب بنور العلم زاد شعوره بحاجة إلى القوانين، وكلما أحس بضرورة التفاني في الدفاع عنها وحمايتها حفظا لسعادة الهيئة الاجتماعية وصيانة مصلحتها.
قد يكون تعليم الشعب خطرا على الحكومة إذا كانت تعمل على كيد الأمة، أو تسير بمقتضى خطة سياسية تؤدي إلى هلاك الطبقات النازلة، فالتعليم في مثل هذه الحال يبعث في الشعب بروح جديد فينهض نهضة الأسد ويثب وثبته ليدفع الكيد عن نفسه جملة، أو تتفشى في أفراده الجرائم (1815).
لاس كاس، ص379، جزء 1
مصر والإنسانية
يظهر أن مصر أعرق الممالك مدنية وأقدمها مجدا، وبعدها بلاد غاليا، فألمانيا فإيطاليا، ولكنني أظن أن الجنس الإنساني نشأ في الهند أو في الصين لا في مصر التي لم يكن عدد سكانها يتجاوز بضعة ألوف.
وكل هذا يدلني على أن العالم ليس قديما، أو بعبارة أخرى أن تاريخ الإنسان على الأرض لا ينتهي إلى قرون بعيدة، ولذا أنا أعتقد بصدق التواريخ التي وردت في الكتب المقدسة التي لا يمتد أجلها أكثر من ألف أو ألفي عام، أعتقد أن الإنسان خلق من فعل حرارة الشمس في الطين، وروى هيرودوتس أنه رأى بعينه الجرذان تخلق من طمي النيل، وشاهد بعض تلك الجرذان في أثناء تكوينها.
جورجو، ص69
قانون نابوليون ومدارسه
Bog aan la aqoon