المساكنون بما كنتم في مساكنكم من الظلم تعملون ، فلما عرف كبراء (1) القرية وضعفاؤها بظلمهم فيها أجمعين ، قالوا : عند الاعتراف والاقرار آسفين متحسرين : ( يا ويلنا إنا كنا ظالمين ) (14) [الأنبياء : 14] ، قال الله لا شريك له : ( فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ) (15) [الأنبياء : 15].
فكم وكم من نقمة ، وقرية منقصمة ، الظلم من أهلها والعدوان قصمها ، والفسق من ساكنها (2) والعصيان حطمها ، قد نبأكم الرحمن نبأها ، وخبركم في كتابه مهواها ، وما به كانت هلكتها من الظلم ورداها ، لتهاجروا (3) فساقها وفسقها ، ولتجانبوا (4) أخلاقها وطرقها ، ولتحذروا (5) مثل الذي وقع بساكنيها ومجاوريها ، إذ لم ينكروا الظلم من مترفيها وجباريها (6)، فأصبحت الجبابرة مقصومة ، ومدائنها بالهلكة محطومة ، وجيرتها معها مدمرة ، إذ لم تكن لظلمهم مباينة منكرة ، وفي مثل (7) ذلك ما يقول الله سبحانه : ( وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين ) (58) [القصص : 58].
[هجرة الأنبياء والرسل]
ومن ذلك ، ولذلك ، ما يقول الله سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى آله : ( قل رب إما تريني ما يوعدون (93) رب فلا تجعلني في القوم الظالمين ) (94) [المؤمنون : 93 94]. لأن من كان مقيما فيهم ، وصل إليه ما وصل إليهم ؛ لأنه لا يجاور
Bogga 277