ونفاقهم.
ولو كان المنافقون الذين ذكر الله غيرهم ، لما صيرهم من الدرك الأسفل (1) مصيرهم ، ولما كان في قوله : ( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ) [النساء : 145] ، لهم من موعظة ولا معتبر ولا تحذير ولا ازدجار ، ولكان القول في ذلك ، لو كان القول كذلك ، كالقول في (2) فرعون وهامان وقارون ، هم فجرة ظلمة كافرون ، فما كان يكون في هذا لو كان من نذير ، أو تعبير أو موعظة لأحد أو تذكير.
وكيف ينكر من آمن بالله أن يكونوا كافرين لنعم الله؟! ومنافقين في دين الله ، أو يزال النفاق والكفر عنهم ، وقد جعلهم الله بولايتهم لهم منهم ، ونسبهم في منزل كتابه إليهم ، فاسم النفاق والكفر واقع عليهم ؛ لأن من كان من قوم أو دين أو حكم ، لزمه ما يلزمهم من حكم (3) واسم.
فأما قوله جل ثناؤه في الآيتين (4): ( من دون المؤمنين ) [النساء : 144] ، فإن من تأويل من دونهم عندي ووجوه فهمه والله أعلم فيهم ، تعريجهم ونزولهم من دون المؤمنين عليهم ، وحلولهم بالمجاورة لهم بين أظهرهم ، واختلاطهم في المعاملة بهم ، لما في المعاملة ، من لين التراجع والمقاولة ، وما يكون في ذلك ، إذا كانوا كذلك ، من زوال الغلظة ، والاشتغال عن العظة ، وقد أمر الله تعالى جده (5)، ووجب في كل حكم حمده ، بالعظة لهم ، والغلظة عليهم ، كما أمر بقتالهم ، والمجانبة لأعمالهم ، فقال سبحانه لرسوله ، (6) صلى الله عليه وعلى آله : ( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير ) (73) [التوبة : 73 ، التحريم : 9].
Bogga 253