205

Hidayat Raghibin

هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين

[نقض الأمان]

وجمع الرشيد الفقهاء وفيهم محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وأبو البختري وهب بن وهب -أخزاه الله-، فخرج إليهم مسرور بالأمان، فبدأ بمحمد بن الحسن فنظر فيه فقال: هذا أمان مؤكد لا حيلة في نقضه، وكان يحيى عليه السلام قد عرضه بالمدينة على مالك وابن الدراوردي وغيرهم فعرفوه أنه مؤكد.

ثم دفعه إلى الحسن بن زياد، فقال بصوت ضعيف: هو أمان، وروي أن محمد بن الحسن قال: من نقضه فعليه لعنة الله، فسمعه الرشيد فأخذ الدواة فرماه بها فشجه، فانصرف إلى منزله وهو يبكي فقال له صاحبه: أتبكي من شجة في سبيل الله؟ قال: لا والله، ولكني أخاف أن أكون قصرت في أمر يحيى فأكون قد شركت في دمه.

وقال وهب أبو البختري: هذا باطل منتقض قد شق العصا وسفك الدم فاقتله، ودمه في عنقي فاجترى -لعنه الله- على الله رغبة في الدنيا، ورفضا للآخرة، وحبا للعاجلة، وزهدا في الآجلة، وشق كتاب الأمان بيده وهي ترتعد تقربا إلى الرشيد، وتحببا إليه ليصيد منه ما يصيد، ويأخذ من حطام الدنيا ما يريد، وقد أعطاه خمسمائة ألف درهم، وولاه قضاء القضاة، ومنع محمد بن الحسن من الفتيا مدة طويلة.

ولئن تقرب أبو البختري الشقي إلى هارون لقد تباعد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهارون، ولئن تحبب إلى المسمى بالرشيد لقد تبغض إلى رسول الله يوم الوعيد، يوم تأتي كل نفس معها سائق وشهيد.

Bogga 249