قرينة تصرفه عن هذا الوجوب إلى غيره من المعاني كالندب أو الإباحة أو التهديد ... إلخ ولا قرينة هنا تصرفه عن الوجوب إلى غيره مما ذكر ونحوه فبقي على الأصل وهو الوجوب فتأمل.
وما الأمر بالترتيل هنا إلا لأن الترتيل صفة تكلم الله بالقرآن كما قال ﷾: ﴿وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٣] وناهيك بهذا شرفًا وجلالًا.
وأما السنة: فكثيرة منها ما خرَّجه الحافظ السيوطي في الدر المنثور في التفسير بالمأثور، وعزاه للطبراني في الأوسط وابن مردويه وسعيد بن منصور من حديث موسى بن يزيد الكندي ﵁ قال: "كان ابن مسعود ﵁ يقرىء رجلًا، فقرأ الرجل: ﴿إنَّما الصَّدقات للفُقَراءِ والمَسَاكينِ﴾ [التوبة: ٦٠] مرسلة فقال ابن مسعود ما هكذا أقرأنيها النبي ﷺ، فقال: وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها: ﴿إنَّما الصَّدقاتُ للفُقراءِ والمساكينِ﴾ [التوبة: ٦٠] فمدها أهـ فابن مسعود الذي هو أشبه الناس سمتًا ودلًاّ برسول الله ﷺ أنكر على الرجل أن يقرأ كلمة "الفقراء" من غير مد ولم يرخص له في تركه"، مع أن فعله وتركه سواء في عدم التأثير على دلالة الكلمة ومعناها، ولكن لأن القراءة سنة متَّبعة يأخذها الآخر عن الأول كما قال زيد بن ثابت ﵁. واستفاض النقل عنه بذلك؛ أنكر ابن مسعود ﵁ على الرجل أن يقرأ بغير قراءة النبي ﷺ التي أقرأ بها أصحابه ﵃ جميعًا، فدل ذلك على وجوب تعلم التجويد واتباع أحكامه عند التلاوة، لدلالة مثل هذا النص بالجزء على الكل.
وسيأتي لهذا الحديث مزيد تفصيل في "باب المد والقصر" من هذا الكتاب إن شاء العزيز الوهاب ﷾. وهناك سنشير إلى تخريجه مستوفى.
وأما إجماع الأمة فقد قال العلامة الشيخ محمد مكي نصر في نهاية القول المفيد ما نصه: فقد اجتمعت الأمة المعصومة من الخطأ على وجوب التجويد من زمن النبي ﷺ إلى زماننا ولم يختلف فيه أحد منهم وهذا من أقوى الحجج أهـ منه بلفظه ص (١٠) .
العاشر: مسائله وهي قواعده كقولنا: كل نون ساكنة وقع بعدها حرف من
1 / 48