Hidayat Hayara
هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى
Baare
محمد أحمد الحاج
Daabacaha
دار القلم- دار الشامية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٦هـ - ١٩٩٦م
Goobta Daabacaadda
جدة - السعودية
Noocyada
Caqiidada iyo Mad-habada
فَأُمَّةٌ أَطْبَقَتْ عَلَى أَنَّ الْإِلَهَ الْحَقَّ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ - صُلِبَ وَصُفِعَ وَسُمِّرَ وَوُضِعَ الشَّوْكُ عَلَى رَأْسِهِ، وَدُفِنَ فِي التُّرَابِ، ثُمَّ قَامَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَصَعِدَ وَجَلَسَ عَلَى كُرْسِيِّهِ يُدَبِّرُ أَمْرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، لَا يَكْثُرُ عَلَيْهَا أَنْ تُطْبِقَ عَلَى جَحْدِ نُبُوَّةِ مَنْ جَاءَ بِسَبِّهَا وَلَعْنِهَا وَمُحَارَبَتِهَا وَإِبْدَاءِ مَعَايِبِهَا وَالنِّدَاءِ عَلَى كُفْرِهَا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَالشَّهَادَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الْمَسِيحِ مِنْهَا، وَمُعَادَاتِهِ لَهَا، ثُمَّ قَاتَلَهَا وَأَذَلَّهَا وَأَخْرَجَهَا مِنْ دِيَارِهَا وَضَرَبَ عَلَيْهَا الْجِزْيَةَ، وَأَخْبَرَ أَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْجَحِيمِ خَالِدَةً مُخَلَّدَةً لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَهَا، وَأَنَّهَا شَرٌّ مِنَ الْحَمِيرِ، بَلْ هِيَ شَرُّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ.
وَكَيْفَ يُنْكَرُ عَلَى أُمَّةٍ أَطْبَقَتْ عَلَى صَلْبِ مَعْبُودِهَا وَإِلَهِهَا، ثُمَّ عَمَدَتْ إِلَى الصَّلِيبِ فَعَبَدَتْهُ وَعَظَّمَتْهُ، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَحْرِقَ كُلَّ صَلِيبٍ تَقْدِرُ عَلَى إِحْرَاقِهِ، وَأَنْ تُهِينَهُ غَايَةَ الْإِهَانَةِ إِذْ صَلَبَتْ عَلَيْهِ إِلَهَهَا الَّذِي يَقُولُونَ تَارَةً: إِنَّهُ اللَّهُ، وَتَارَةً يَقُولُونَ إِنَّهُ ابْنُهُ، وَتَارَةً يَقُولُونَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ؟ فَجَحَدَتْ حَقَّ خَالِقِهَا وَكَفَرَتْ بِهِ أَعْظَمَ كُفْرٍ وَسَبَّتْهُ أَقْبَحَ مَسَبَّةٍ، أَنْ تَجْحَدَ حَقَّ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ وَتَكْفُرَ بِهِ.
وَكَيْفَ يَكْثُرُ عَلَى أُمَّةٍ قَالَتْ فِي رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ، إِنَّهُ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ لِيُكَلِّمَ الْخَلْقَ بِذَاتِهِ لِئَلَّا يَكُونَ لَهُمْ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ حُجَّتَهُمْ بِتَكَلُّمِهِ لَهُمْ بِذَاتِهِ ; لِتَرْتَفِعَ الْمَعَاذِيرُ عَمَّنْ ضَيَّعَ عَهْدَهُ بَعْدَ مَا كَلَّمَهُ بِذَاتِهِ؟ فَهَبَطَ بِذَاتِهِ مِنَ السَّمَاءِ، وَالْتَحَمَ فِي بَطْنِ مَرْيَمَ، فَأَخَذَ مِنْهَا حِجَابًا، وَهُوَ مَخْلُوقٌ مِنْ طَرِيقِ الْجِسْمِ، وَخَالِقٌ مِنْ طَرِيقِ النَّفْسِ، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ جِسْمَهُ وَخَلَقَ أُمَّهُ، وَأُمُّهُ كَانَتْ قَبْلَهُ بِالنَّاسُوتِ، وَهُوَ كَانَ مِنْ قَبْلِهَا بِاللَّاهُوتِ، وَهُوَ الْإِلَهُ التَّامُّ، وَالْإِنْسَانُ التَّامُّ، وَمِنْ تَمَامِ رَحْمَتِهِ ﵎ عَلَى عِبَادِهِ أَنَّهُ رَضِيَ بِإِرَاقَةِ دَمِهِ عَنْهُمْ عَلَى خَشَبَةِ الصَّلِيبِ، فَمَكَّنَ أَعْدَاءَهُ الْيَهُودَ مِنْ نَفْسِهِ ; لِيَتِمَّ سُخْطُهُ
1 / 252