227

Hidayat Hayara

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Tifaftire

محمد أحمد الحاج

Daabacaha

دار القلم- دار الشامية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Goobta Daabacaadda

جدة - السعودية

وَالْقَسْطَةِ، وَوَزْنِ الْأَنْهَارِ وَنُقُوشِ الْحِيطَانِ، وَوَضْعِ الْآلَاتِ الْعَجِيبَةِ، وَصِنَاعَةِ الْكِيمْيَاءِ، وَعِلْمِ الْفِلَاحَةِ، وَعِلْمِ الْهَيْئَةِ وَتَسْيِيرِ الْكَوَاكِبِ، وَعِلْمِ الْمُوسِيقَى وَالْأَلْحَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ بَيْنَ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَبَيْنَ ظُنُونٍ كَاذِبَةٍ، وَبَيْنَ عِلْمٍ نَفْعُهُ فِي الْعَاجِلَةِ وَلَيْسَ مِنْ زَادِ الْمَعَادِ، فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا عَوَامًّا فِي هَذِهِ الْعُلُومِ فَنَعَمْ إِذًا، وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا عَوَامًّا فِي الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَأَفْعَالِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَدِينِهِ وَشَرْعِهِ وَتَفَاصِيلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَفَاصِيلِهِ، وَتَفَاصِيلِ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَعِلْمِ سَعَادَةِ النُّفُوسِ وَشَقَاوَتِهَا، وَعِلْمِ صَلَاحِ الْقُلُوبِ وَأَمْرَاضِهَا، فَمَنْ بَهَتَ نَبِيَّهُمْ بِمَا بَهَتَهُ بِهِ وَجَحَدَ نُبُوَّتَهُ وَرِسَالَتَهُ الَّتِي هِيَ لِلْبَصَائِرِ أَظْهَرُ مِنَ الشَّمْسِ لِلْأَبْصَارِ، لَمْ يُنْكَرْ لَهُ أَنْ يَبْهَتَ أَصْحَابَهُ، وَيَجْحَدُ فَضْلَهُمْ وَمَعْرِفَتَهُمْ، وَيُنْكِرَ مَا خَصَّهُمُ اللَّهُ بِهِ وَمَيَّزَهُمْ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ، وَمَنْ هُوَ كَائِنٌ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ كَانَ الْحَوَارِيُّونَ الَّذِينَ نَقَلُوا لِأَتْبَاعِ الْمَسِيحِ مَعَالِمَ دِينِهِ، وَسِيرَةَ الْمَسِيحِ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى مَنَّ اللَّهُ بِالْمَسِيحِ وَشَاهَدُوا مَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْآيَاتِ وَأَظْهَرُهُ عَلَى يَدِهِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، وَكَمَّلَ نُفُوسَهُمْ بِالْعُلُومِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْفَضَائِلِ النَّفْسَانِيَّةِ، فَصَارُوا يَفْعَلُونَ مَا نَقَلَهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ إِلَيْنَا عَنْهُمْ مِنَ الْعَجَائِبِ، وَيُدَوِّنُونَ الْعُلُومَ، كُلُّ ذَلِكَ بِبِرْكَتِهِ، وَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ، أَعْنِي الصَّحَابَةَ ﵃، وَكَيْفَ يَكُونُونَ عَوَامًّا فِي ذَلِكَ وَهُمْ أَذْكَى النَّاسِ فِطْرَةً، وَأَزْكَاهُمْ نُفُوسًا، هُمْ يَتَلَقَّوْنَهُ غَضًّا طَرِيًّا، وَمَحْضًا لَمْ يُشَبْ عَنْ نَبِيِّهِمْ، وَهُمْ أَحْرَصُ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَأَشْوَقُهُمْ إِلَيْهِ، وَخَبَرُ السَّمَاءِ يَأْتِيهِمْ عَلَى لِسَانِهِ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَكِتَابُهُمْ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى عُلُومِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ،

2 / 443