192

Hidayat Hayara

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Baare

محمد أحمد الحاج

Daabacaha

دار القلم- دار الشامية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Goobta Daabacaadda

جدة - السعودية

وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ هَذِهِ الْقِصَّةَ مُطَوَّلَةً، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ وَاقَدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو: وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ لَمَّا خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَخَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَرَّةِ الْأَوْلَى وَهُوَ ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمَّا نَزَلَ الرَّكْبُ بُصْرَى مِنْ أَرْضِ الشَّامِ وَبِهَا رَاهِبٌ يُقَالُ لَهُ بَحِيرَةُ فِي صَوْمَعَةٍ لَهُ، وَكَانَ عُلَمَاءُ النَّصَارَى يَكُونُونَ فِي تِلْكَ الصَّوْمَعَةِ يَتَوَارَثُونَهَا عَنْ كِتَابٍ يَدْرُسُونَهُ، فَلَمَّا نَزَلُوا عَلَى بَحِيرَا وَكَانُوا كَثِيرًا مَا يَمُرُّونَ بِهِ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَلِكَ الْعَامُ وَنَزَلُوا مَنْزِلًا قَرِيبًا مِنْ صَوْمَعَتِهِ، قَدْ كَانُوا يَنْزِلُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ كُلَّمَا مَرُّوا، فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا ثُمَّ دَعَاهُمْ، وَإِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى دُعَائِهِمْ أَنَّهُ رَآهُمْ حِينَ طَلَعُوا وَغَمَامَةٌ تُظِلُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، حَتَّى نَزَلُوا تَحْتَ الشَّجَرَةِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى تِلْكَ الْغَمَامَةِ أَظَلَّتْ تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَاخْضَلَّتْ أَغْصَانُ الشَّجَرَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى اسْتَظَلَّ تَحْتَهَا، فَلَمَّا رَأَى بَحِيَرَةُ ذَلِكَ نَزَلَ مِنْ صَوْمَعَتِهِ وَأَمَرَ بِذَلِكَ الطَّعَامِ، فَأُتِيَ بِهِ وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وَقَالَ: إِنِّي قَدْ صَنَعْتُ لَكُمْ طَعَامًا يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ تَحْضُرُوهُ كُلُّكُمْ، وَلَا تُخَلِّفُوا أَحَدًا مِنْكُمْ كَبِيرًا وَلَا صَغِيرًا حُرًّا وَلَا عَبْدًا، فَإِنَّ هَذَا شَيْءٌ تُكْرِمُونِي بِهِ، فَقَالَ رَجُلُ: إِنَّ لَكَ لَشَأْنًا يَا بَحِيرَةُ، مَا كُنْتَ تَصْنَعُ هَذَا، فَمَا شَأْنُكَ الْيَوْمَ؟ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُكْرِمَكُمْ، وَلَكُمْ حَقٌّ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَتَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ بَيْنِ الْقَوْمِ لِحَدَاثَةِ سِنِّهِ فِي رِحَالِهِمْ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. فَلَمَّا نَظَرَ بَحِيرَةُ إِلَى الْقَوْمِ فَلَمْ يَرَ الصِّفَةَ الَّتِي يَعْرِفُهَا وَيَجِدُهَا عِنْدَهُ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ فَلَا يَرَى الْغَمَامَةَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ وَيَجِدُهَا عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ بَحِيرَةُ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ لَا يَتَخَلَّفَنَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ عَنْ طَعَامِي، قَالُوا: مَا تَخَلَّفَ أَحَدٌ إِلَّا غُلَامٌ هُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ سِنًّا فِي رِحَالِهِمْ، فَقَالَ: ادْعُوهُ لِيَحْضُرَ طَعَامِي فَمَا أَقْبَحَ أَنْ تَحْضُرُوا وَيَتَخَلَّفَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مَعَ أَنِّي أُرَاهُ مِنْ أَنْفَسِكُمْ، فَقَالَ الْقَوْمُ: هُوَ وَاللَّهِ أَوْسَطُنَا نَسَبًا، وَهُوَ ابْنُ أَخِّ هَذَا الرَّجُلِ يَعْنُونَ أَبَا طَالِبٍ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ بِنَا لَلُؤْمٌ أَنْ يَتَخَلَّفَ ابْنُ عَبْدِ الْمَطْلَبِ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ

2 / 408