151

Hidayat Hayara

هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى

Baare

محمد أحمد الحاج

Daabacaha

دار القلم- دار الشامية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٦هـ - ١٩٩٦م

Goobta Daabacaadda

جدة - السعودية

النَّاسِ فِي نَفَرٍ يَسِيرٍ دُونَ الْعِشْرَةِ، وَالْعَدُوُّ قَدْ أَحَاطُوا بِهِ وَهُمْ أُلُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ، فَجَعَلَ يَثِبُ فِي الْعُدُوِّ وَيَقُولُ: أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ وَيَتَقَدَّمُ إِلَيْهِمْ، وَأَخَذَ حَفْنَةً مِنَ التُّرَابِ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ فَوَلَّوْا مُنْهَزِمِينَ. وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيرَتَهُ وَحُرُوبَهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَطْرُقِ الْعَالَمَ أَشْجَعُ مِنْهُ، وَلَا أَثْبَتُ وَلَا أَصْبَرُ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ مَعَ أَنَّهُمْ أَشْجَعُ الْأُمَمِ إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ، وَاشْتَدَّ الْحَرْبُ، اتَّقَوْا بِهِ، وَتَتَرَّسُوا بِهِ، فَكَانَ أَقْرَبَهُمْ إِلَى الْعَدُوِّ، وَكَانَ أَشْجَعُهُمْ هُوَ الَّذِي يَكُونُ قَرِيبًا مِنْهُ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا يَمِيلُ إِلَى اللَّهْوِ، هَكَذَا كَانَتْ سِيرَتُهُ ﷺ، أَبْعَدُ النَّاسِ مِنَ اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ، بَلْ أَمْرُهُ كُلُّهُ جَدٌّ وَحَزْمٌ وَعَزْمٌ، مَجْلِسُهُ مَجْلِسُ حَيَاءٍ وَكَرَمٍ، وَعِلْمٍ وَإِيمَانٍ، وَوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا يُسْمَعُ فِي الْأَسْوَاقِ صَوْتُهُ، أَيْ لَيْسَ مِنَ الصَّخَّابَيْنِ بِالْأَسْوَاقِ فِي طَلَبِ الدُّنْيَا، وَلَا الْحِرْصِ عَلَيْهَا، كَحَالِ أَهْلِهَا الطَّالِبِينَ لَهَا.
وَقَوْلُهُ: رُكْنٌ لِلْمُتَوَاضِعِينَ، فَإِنَّ مَنْ تَأَمَّلَ سِيرَتَهُ وَجَدَهُ أَعْظَمَ النَّاسِ تَوَاضُعًا لِلصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، وَالْمِسْكِينِ وَالْأَرْمَلَةِ، وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ، يَجْلِسُ مَعَهُمْ عَلَى التُّرَابِ، وَيُجِيبُ دَعْوَتَهُمْ، وَيَسْمَعُ كَلَامَهُمْ، وَيَنْطَلِقُ مَعَ أَحَدِهِمْ فِي حَاجَتِهِ، وَيَخْصِفُ لِأَحَدِهِمْ نَعْلَهُ، وَيَخِيطُ لَهُ ثَوْبَهُ، وَيَأْخُذُ لَهُ حَقَّهُ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُطَالِبَهُ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَهُوَ نُورُ اللَّهِ الَّذِي لَا يُطْفَأُ وَلَا يُخْصَمُ حَتَّى يُثْبِتَ فِي الْأَرْضِ حُجَّتِي وَيَنْقَطِعَ بِهِ الْعُذْرُ، وَهَذَا مُطَابِقٌ لِحَالِهِ وَأَمْرِهِ لِمَا شَهِدَ بِهِ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، كَقَوْلِهِ: يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ،

2 / 367