246

سجاف أبيض لم يبيضه أحد من الناس ممن حضر فأشار المأمون إلى الناس أن هاتوا التراب فألقوه في القبر فقلت لا تفعل يا أمير المؤمنين قال: ويحك فمن يملأه قلت قد أمرني لا يطرح التراب عليه وأن القبر سيمتلئ من نفسه وينطبق ويتربع على وجه الأرض ويرش عليه ماء ليس من عند الناس فأشار المأمون إلى الناس أن كفوا فرموا ما في أيديهم من التراب ثم امتلأ القبر وانطبق وتربع على وجه الأرض ورش عليه الماء لم يدر من رشه أزكى من المسك وأبيض من اللجين ثم انصرف المأمون وانصرفنا ثم دعاني وأخذ مجلسه ثم قال: والله يا هرثمة لتصدقني عما سمعته من أبي محمد قلت قد أخبرتك يا أمير المؤمنين قال لي: لا والله أو تصدقني عما أخبرك من غير ما قلته لي فقلت: يا أمير المؤمنين نعم تسألني قال: بالله يا هرثمة هل أسر إليك شيئا غير هذا قلت نعم خبر العنب والرمان والسم فأقبل المأمون يتلون ألوانا صفراء وحمراء وسوداء ثم مد نفسه كالمغشي عليه وسمعته يقول في غشيته وهو يجهر ويل المأمون من الله ويل المأمون من الحسن والحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى وويل لأبيه هارون منهم جميعا وويله من موسى بن جعفر إن هذا لهو الخسران المبين يقول هذا القول ويكرره، قال هرثمة: فلما رأيته قد طال عليه الكلام وليت عنه فجلست في بعض الدار فجلس ودعاني إليه وهو كالسكران إذا ثمل فقال لي والله يا هرثمة ما أنت أعز علي منه ولا جميع من في الأرض والسماء والله لئن أعدت مما سمعت ورأيت شيئا ليكونن هلاكك أهون علي مما لم يكن قلت يا أمير المؤمنين إن أظهرت على ذلك أحدا فأنت في حل من دمي قال لا والله أو تعطيني عهدا موثقا أنك تكتم هذا الأمر ولا تعيده فأخذ مني العهد والميثاق وأكده فلما وليت عنه صفق بيديه ثم سمعته يقول يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا @HAD@ .

وعنه عن الحسين بن محمد بن جمهور القمي، عن أبيه، عن محمد بن

Bogga 286