قوله: قال: وإن تغير بما لا يختلط به كالدهن والعود جازت الطهارة به في أحد القولين، لأنه تغير بالمجاورة فلم يمنع من الطهارة، كما لو تغير بجيفة بقربه. انتهى.
وهذا القياس غير مستقيم، لأن العلة التي علل بها الفرع- وهي المجاورة- ليست موجودة في الأصل، وقد نظمه غيره على الصواب فقال: لأنه تغير بما لم يختلط به، فأشبه الجيفة، فجمع بعدم الاختلاط، وهو صحيح، وأما التعبير بالمجاورة فذهول.
قوله فيما لا يدركه الطرف: وأضاف إليه بعض الشارحين مثالًا آخر ذكره الرافعي، وهو أن ينفصل رشاش من موضع نجس، فيقع في الماء بحيث يرى اضطراب الماء بسببه، ولا يدرك جرمه. انتهى.
وهذا النقل عن الرافعي غلط، فإنه ذكر له في شيء من كتبه.
قوله: ومن هذا القبيل ما إذا أكلت الفأرة شيئًا نجسًا، ثم ولغت في ماء قليل، والذي يحصل من كلام الغزالي وغره أن في المسألة ثلاثة أوجه.
ثالثها: إن غابت قبل الولوغ غيبة تحتمل ورودها في ماء كثير لم ينجس، وإلا فينجس.
ثم قال بعد حكاية وجهين في وقوع الحيوانات في الدهن وغيره: هل تنجسه، لما على منفذها من النجاسة أم لا؟ -: إن الوجه الثالث يجري في هذه المسألة أيضًا. انتهى.
وما ذكره أولًا من حكاية الأوجه الثلاثة في الفأرة إذا أكلت شيئًا نجسًا وغابت، فإنما ذكره هؤلاء في الهرة لا في الفأرة، ولا يصح قياسه عليها، لأن علة الطهارة في الهرة مشقة الاحتراز منها، لقوله- ﵊: «إنها من الطوافين عليكم والطوافات»، وهذا المعنى منتفٍ.
نعم، حكى المتولي وجهين في إلحاق سائر السباع بها.
قوله: وقد أفهم تقييد الشيخ بقوله: منه- أي من الماء المطلق- أن المائعات تتنجس بما لا يدركه الطرف قولًا واحدًا، وقد قاله بعض الشارحين، واعتقادي عدم صحته، وقد سوى الأصحاب بين الماء القليل والمائع في الميت الذي لا يسيل دمه ... إلى آخر ما ذكره.
وهذا الذي اقتضى كلامه عدم الوقوف عليه، وهو أن المائعات هل لها حكم الماء فيما لا يدركه الطرف أم لا؟ - قد ذكره النووي في «المنهاج» على وفق ما حاوله المصنف بحثًا، فإنه قال: وتستثنى ميتة لا دم لها سائلًا، فلا تنجس مائعًا على
20 / 14