318

Hidaya

الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

Baare

عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل

Daabacaha

مؤسسة غراس للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م

Noocyada

والشَّهْرَيْنِ، فإِنْ لَمْ يُحْيِ جَازَ لِغَيْرِهِ إِحْيَاؤُهَا، فَإِنْ بَادَرَ الغَيْرُ فَأَحْيَا في مُدَّةِ المُهْلَةِ فهَلْ يَمْلِكُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ (١).
فَإِنْ أَقْطَعَ الإِمَامُ مَوَاتًا لَمْ يَمْلِكْهُ بِذَلِكَ؛ ولَكِنْ يَكُونُ كَالمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ في الإِحْيَاءِ، فَإِنْ أَحْيَاهُ مَلَكَهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ كَالطُّرُقِ الوَاسِعَةِ ومَقَاعِدِ الأَسْوَاقِ وَرِحَابِ المَسَاجِدِ فَإِنَّهَا لاَ تُمْلَكُ بالإِحْيَاءِ ويَكُونُ القَطعُ أَحَقَّ بالجُلُوسِ فِيْهَا مَا لَمْ يَضِقْ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ الإِمَامُ فَلِمَنْ سَبَقَ الجُلُوس إِلَى اللَّيْلِ، فَإِنْ نَقَلَ عَنْهُ قِمَاشَهُ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ، وإِنْ لَمْ يَنْقُلْ قِمَاشَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، فَإِنِ اسْتَدَامَ ذَلِكَ الزَّمَانُ الطَّوَيْلُ أُزِيْلَ عَنْهُ (٢) وأُجْلِسَ غَيْرُهُ، وَقِيلَ: لاَ يُزَالُ (٣)، فَإِنِ اسْتَبَقَ إِلَى المَكَانِ اثْنَانِ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَقِيلَ: يُقَدِّمُ الإِمَامُ مَنْ يَرَى مِنْهُمَا (٤)، ولاَ يَمْلِكُ شَيْئًا مِنَ المَعَادِنِ بالإِحْيَاءِ سَوَاءٌ افْتَقَرَتْ إلى العَمَلِ عَلَيْهَا كَالمَعَادِنِ البَاطِنَةِ مِنْ مَعَادِنِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ والحَدِيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، أو لَمْ يَفْتَقِرْ كَالمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ مِنْ مَعَادِنِ القَارِ والنِّفْطِ والمُوميا والبَرَامِ (٥) والمِلْحِ والكُحْلِ والبَلُّورِ والجُصِّ، ولاَ يَجُوزُ اقْتِطَاعُهَا، ومَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا فَهُوَ أَحَقُّ بما يَنَالُ مِنْها، وهَلْ يُمْنَعُ إِذَا طَالَ مُقَامُهُ عَلَيْهَا أَمْ لاَ؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الوَجْهَيْنِ، ومَا سَبَقَ إِلَيْهِ الإِنْسَانُ مِنَ المُبَاحِ كَالصَّيْدِ والسَّمَكِ ومَا يُؤْخَذُ مِنَ البحر كاللؤلؤ والمرجان والصدف وما ينبُت فِي الموات من الحطب والكلأ وما ينبعُ من المياه ويسقط من الثلوج وما ينبذهُ النَّاس رغبةً عَنْهُ أَوْ يؤخذ من الثِّمَارِ فِي الجِبَالِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ بالأَخْذِ، فَإِنْ سَبَقَ إِلَيْهِ اثْنَانِ قُسِّمَ بَيْنَهُمَا إِنْ كَانَ الأَخْذُ للتِّجَارَةِ، وإِنْ كَانَ لِحَاجَتِهِ احْتَمَلَ ذَلِكَ أَيْضًا، واحْتَمَلَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمَا، واحْتَمَلَ أَنْ يُقَدِّمَ الإمَامُ مَنْ يَرَى (٦) مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِي المَوَاتِ مَوْضِعٌ يُمْكِنُ فِيهِ إِحْدَاثُ مَعْدِنٍ ظَاهِرٍ /٢٠٨ ظ / يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِقُرْبِ السَّاحِلِ مَوْضِعٌ إِذَا وَضَعَ فِيهِ المَاءَ صَارَ مِلْحًا جاز أَنْ يُمْلَكَ بالإِحْيَاءِ، وكَانَ للإِمَامِ أَنْ يَقْطَعَهَا، ويَجُوزُ أَنْ يُحْيِيَ أَرْضًا مَوَاتًا لَتَرْعَى فِيْهَا إِبِلُ الصَّدَقَةِ وخَيْلُ المُجَاهِدِيْنَ ونِعَمُ الجِزْيَةِ وَضَوَالُّ النَّاسِ ومَالُ مَنْ يَضْعفُ عَنِ الإبْعَادِ

(١) الأول: يملكه؛ لأن الإحياء يملك بِهِ والتحجر لا يملك بِهِ، فيثبت الملك بما يملك بِهِ دُوْنَ مَا لا يملك، واختاره الْقَاضِي وابن عقيل.
والثاني: لا يملكه. انظر: الشرح الكبير ٦/ ١٦٨، والإنصاف ٦/ ٣٧٥ - ٣٧٦.
(٢) قَالَ المرداوي في الإنصاف ٦/ ٣٧٩: «قَالَ في القواعد: وَهُوَ ظاهر كلام أحمد ﵀ في رِوَايَة حرب».
(٣) انظر: الإنصاف ٦/ ٣٧٩.
(٤) وَهُوَ وجه حكاه الْقَاضِي. انظر: الإنصاف ٦/ ٣٨٠.
(٥) ذكر صاحب اللسان: أن البرم هُوَ الكحل المذاب، ١٢/ ٤٥ (برم).
(٦) انظر: الشرح الكبير ٦/ ١٧٣، والإنصاف ٦/ ٣٨٢.

1 / 326