261

Hidaya

الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني

Baare

عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل

Daabacaha

مؤسسة غراس للنشر والتوزيع

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م

Noocyada

وله الْمُطَالَبَةُ، وإنْ قُلْنا: هُوَ حَقٌّ لآدَمِيٍّ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، فإنْ أخَذَ سَارِقًا أو شَارِبًا أو زانيًا وَأَرَادَ رَفْعَهُ إِلَى السُّلْطَانِ فَصَالَحَهُ بِمالٍ عَلَى أن لا يَرْفَعَهُ فالصُّلْحُ بَاطِلٌ ويَرُدَّ مَا أَخَذَ مِنْهُ فإن صالح شاهدًا على أن لا يشهد عليه بحق يعرفه فالصلح باطل ويرد ما أخذه عَلَى ذَلِكَ، فإن ادْعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أنَّهَا زَوْجَتُهُ فَجَحَدَتْ فَصَالَحَهَا عَلَى مِئَةِ دِرْهَم عَلَىأن تُقِرَّ لَهُ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، ولا يُقْبَلَ إقْرَارُهَا، فإنِ ادْعَى عَلَى رَجُلٍ مَجْهُولٍ أنَّهُ عَبْدُهُ فأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ / ١٦٣ و/ ذَلِكَ، ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أنْ يَدْفَعَ إِليهِ مِئَة ويُقِرَّ لَهُ بالعُبُودِيَّةِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ (١)، فإنْ دَفَعَ إِليهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بأنَّهُ صُلْحٌ عَنْ دَعْوَاهُ صَحَّ الصُّلْحُ، وَإِذَا ادْعَى عَلَى رَجُلٍ ألْفَ دِرْهَمٍ فأنْكَرَهُ فَقَالَ لَهُ: أقِرَّ لي بِهَا عَلَى أنْ أعطِيَكَ مِئَةَ دِرْهَمٍ. كَانَ ذَلِكَ باطِلًا (٢)، وَإِذَا ادْعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا أو عَيْنًا فأنْكَرَهُ ثُمَّ صَالَحَ من ذَلِكَ عَلَى خِدْمَةٍ أو سُكْنَى مُدَّةً مَعْلُومَةً صَحَّ الصُّلْحُ، ولَزِمَ في ذَلِكَ حُكْمُ الإجَارَةِ فإنْ تَلِفَت العَيْنُ الَّتِي تُسْتَوْفى الْمَنْفَعَةُ مِنْها بَطَلَ الصُّلْحُ كَمَا تَبْطُلُ الإِجَارَةُ، ويَجِبُ الرُّجُوعُ بِما في مُقَابَلَتِهِ إنْ كَانَ التَلَفُ قَبْلَ الانْتِفَاعِ، فإنْ كَانَ عن إنْكَارٍ رَجَعَ بِالدَّعْوَى، وإنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ رَجَعَ بِمَا أقَرَّ بِهِ لَهُ، وَكَذَلِكَ إن اسْتَوفَى بَعْضَ الْمَنَافِعِ ثُمَّ انْتَقَضَ العَقْدُ رَجَعَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ، وَإِذَا تَبَايَعَا عَيْنًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي في الْمَبِيْعِ عَيْبًا فَخَاصَمَ البائِعَ فاصْطَلَحَا مِنَ العَيْبِ عَلَى شَيْءٍ دَفَعَهُ إِليهِ، وَحَطَّ عَنْهُ بَعْضَ الثَّمَنِ جَازَ ذَلِكَ، فإنْ زَالَ العَيْبُ مَثْلَ إنْ كَانَ بَياضًا في عيْنِ العَبْدِ أو حَبَلًا بالأَمَةِ فكان ريحًا ففشا رَجَعَ البَائِعُ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ (٣)، فإنْ كَانَ البَائِعُ امْرَأَةً فَصَالَحَتْهُ مِنَ العَيْبِ عَلَى أنْ تُزَوِّجَهُ نَفْسَهَا فَعَقَدَ وَلِيُّهَا مَعَهُ العَقْدَ عَلَى ذَلِكَ صَحَّ النِّكَاحُ، وإنْ زَالَ العَيْبُ رَجَعَتْ بِأرْشِهِ لا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وإذا أودَعَ عِنْدَ إنْسَانٍ وَدِيْعَةً ثُمَّ جاء يَطْلُبُهَا فَقَالَ الْمُوْدِعُ: قد تَلِفَتْ، أو قد رَدَدْتُهَا عَلَيْكَ. فَقَالَ الْمَالِكُ: بَلْ فَرَّطْتَ فِيْهَا، أو أنْفَقْتَهَا. ثُمَّ اصْطَلَحَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَالٍ، فالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إنْ جَحَدَ الوَدِيْعَةَ، واصْطَلَحَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وحُكْمُ الْمُضَارَبَةِ كَذلِكَ، فإِنِ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بَيْتًا فأقَرَّ لَهُ فَصَالَحَهُ الْمُقِرُّ لَهُ مِنْهُ عَلَى أنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ غُرْفَةً فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ إنْ صَالَحَهُ عَلَى أنْ يُسْكِنَهُ سَنَةً وصُلْحُ الْمُكَاتِبِ والْمَأْذُونِ لَهُ مِنَ العَبِيْدِ والصِّبْيَانِ مِنْ دَيْنٍ لَهُمْ عَلَى بَعْضِهِ لا يَصِحُّ إنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ أو أقَرَّ لَهُمْ بِهِ وإنْ كَانَ عَلَى الإنْكَارِ صَحَّ صُلْحُهُمْ، ولا يَجُوزُ أنْ يُشْرِعَ إلى طَرِيقٍ نَافِذٍ جَنَاحًا (٤) ولا سَابَاطًا ولا دُكَّانًا ولا يَجُوزُ أنْ يُشْرِعَ ذَلِكَ

(١) لأنَّ إرقاقَ الحر نَفْسه، لا يحل بعوض ولا بغيره. المغني ٥/ ٣١.
(٢) فإن أقرَّ بِهَا لَزِمَهُ أداءه بغير عوض، لأنْ إقراره بَيّن كذبه. انظر: المغني ٥/ ٣٢.
(٣) لظهور عدم استحقاق المشتري لَهُ لعدم العيب، وزواله. كشاف القناع ٣/ ٣٨٣.
(٤) قَالَ في المغني ٥/ ٣٣: «وَهُوَ الروشن يكون عَلَى أطراف خشبة مدفونة في الحائط وأطرافها خارجة في الطَّرِيق». وَهِيَ مَا تُسَمَّى اليوم بالشرفة. انظر: المعجم الوسيط: ٣٤٧.

1 / 269