Hidaya
الهداية على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
Baare
عبد اللطيف هميم - ماهر ياسين الفحل
Daabacaha
مؤسسة غراس للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٢٥ هـ / ٢٠٠٤ م
Noocyada
بَابَ الكَفَالَةِ
تَصِحُّ الكَفَالَةُ بِالأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ كَالغُصُوبِ والعَوَارِي، فإِنْ أحْضَرَها وسَلَّمَها بَرِئَ، وإلاَّ ضَمِنَ عِوَضَها، فإِنْ تَلِفَتْ بِفِعْلِ اللهِ تَعَالَى لَمْ يَضْمَنْ، وتَصِحُّ الكْفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ سَوَاءٌ كَانَ حالًا أو مُؤَجَّلًا، وإذا طُولِبَ بِهِ وأحْضَرَهُ بَرِئَ، وإنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ إحْضَارُهُ لِهَرَبٍ أو اخْتَفَى ضَمِنَ مَا عَلَيْهِ، فإِنْ تَعذَّر إحْضَارُهُ لِمَوتِ الْمَكْفُولِ بِهِ سَقَطَت الكَفَالَةُ نَصَّ عَلَيْهِ (١)، ويُحْتَمَلُ أن لا يَسْقُطَ ويُطَالَبُ بِما عَلَيْهِ، ولا تَصِحُّ الكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ حَدٌّ سَوَاءٌ كَانَ للهِ كَحَدِّ الزِّنَا وشُرْبِ / ١٦٠ ظ/ الْخَمْرِ، أو لآدَمِيٍّ كَالقِصَاصِ وَحَدِّ القَذْفِ فإن يكفل بِجُزْءٍ شَائِعٍ مِنْ إنْسَانٍ، أو بِعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ كَانَ كَفِيلًا بِهِ، وَقالَ شَيْخُنا: لا تَصِحُّ الكَفَالَةُ (٢). وهَلْ تفْتَقِرُ صِحَّةُ الكَفَالَةِ إلى رِضَا الْمَكْفُولِ عَنْهُ عَلَى وَجْهَيْنِ (٣). وإذا طُولِبَ الكَفِيلُ بإحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ لَزِمَ الْمَكْفُول أنْ يَحْضُرَ مَعَهُ، فإنْ أرَادَ الكَفِيْلُ إحْضَارَهُ مِنْ غَيْرِ مُطَالَبَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ لَزِمَهُ الْحُضُورُ مَعَهُ، وإنْ قُلْنَا إنَّها كَفَالَةٌ صَحِيْحَةٌ. وَإِذَا تَكَفَّلَ بِرَجُلٍ إلى أجَلٍ فَسَلَّمَهُ إلى الْمَكْفُولِ لَهُ قَبْلَ الأجَلِ، ولا ضَرَرَ عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ في ذَلِكَ بريء الكفيل، وَكَذَلِكَ إنْ سَلَّمَ الْمَكْفُولَ بِهِ نَفْسَهُ بريء كفيلهُ، وإنْ غَابَ لَمْ يُطَالَبْ حَتَّى يَمْضِيَ زَمَانٌ يُمْكِنُ الْمُضِيُّ إِليهِ وإعَادَتُهُ، وإنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لَزِمَهُ ضَمانُ مَا عَلَيْهِ، فإِنْ تَكَفَّلَ اثْنَانِ بِرَجُلٍ ثُمَّ سَلَّمَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأ الآخَرُ مِنَ الكَفَالَةِ، وإنْ كَفَلَ وَاحِدٌ لاثْنَينِ فأبْرَأهُ أحَدُهُمَا لَمْ يَبِرَّأ مِنَ الآخِرِ، فإنْ قَالَ تَكَفَّلْتُ بأحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ لَمْ تَصِحِّ الكَفَالَةُ، وإنْ تَكَفَّلَ بِرَجُلٍ وتَكَفَلَ آخَرُ بالكَفِيلِ صَحَّ ذَلِكَ، فإنْ أبْرأَ الأوّلُ مِنَ الكَفَالَةِ بريء الثَّانِي، وإنْ أبْرَأَ الثَّانِي لَمْ يَبَرَأ الأوّلُ، وَإِذَا تَكَفَّلَ بِبَدَنِ إنْسَانٍ عَلَى أنْ جَاءَ بِهِ، وإلاَّ فَهُوَ كَفِيلٌ بِبَدَنٍ آخَرَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَحَّت الكَفَالَةُ فِيْهِمَا، وَكَذَلِكَ إنْ تَكَفَّلَ بِنَفْسِ إنْسَانٍ عَلَى إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ مَالَهُ عَلَى رَجُلٍ آخَر فإنَّهُ يَصِحُّ، وَقَالَ شَيْخُنا في " الْجَامِعِ " (٤): لا يَصِحُّ فِيْهِمَا (٥)، وَإِذَا كَانَ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ خَمْرٌ فَكَفَلَ لَهُ عَنْهُ ذِمِّيٌّ ثُمَّ أسْلَمَ الْمَكْفُولُ لَهُ بَرِئَ الكَفِيلُ والْمَكْفُولُ عَنْهُ، فإنْ أسْلَمَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ لَمْ يَبرَأُ في أحَدِ الوَجْهَيْنِ (٦)، والآخَرُ يَبْرَأُ، فإنْ قَالَ الطَّالِبُ لِلْكَفِيلِ قد بَرِئْتَ مِنَ الدَّيْنِ الذي
(١) نقلها عَنْهُ أبو دَاوُد في مسائله ٢/ ٦٠، واختارها الخرقي. انظر: شرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٥١٣.
(٢) نقل صاحب الشرح الكبير ٥/ ١٠٠ عن الْقَاضِي: أنها تصح.
(٣) انظر: المغني ٥/ ١٠٣ - ١٠٤، وشرح الزَّرْكَشِيّ ٢/ ٥١٢.
(٤) ذكره صاحب طبقات الحنابلة ٢/ ١٧٦ باسم " الجامع الصغير ".
(٥) انظر: الشرح الكبير ٥/ ١٠١.
(٦) انظر: الهادي: ١٠٤، والمغني ٥/ ١٠٧.
1 / 266