مط شفتيه، وراح يفكر مجددا، وقال: «لا أعرف شلته جيدا، لكن لديه ذلك الصديق الذي يلازمه كظله، اسمه «إبراهيم آدم»، إن لم تخني الذاكرة، شخصية معروفة في الكلية. هو أحد أعضاء رابطة الطلاب الاتحاديين في الجامعة.»
كانت المرة الأولى التي أسمع فيها اسم «إبراهيم»، فلم يذكره «عمار» بالاسم من قبل في الجلسات - في الواقع هو لم يذكر لي صراحة سوى اسم «هبة» - وكان يشير له دائما بصفة «صديقي/زميلي». وفيما بعد قمت بعمل مقابلات مع عدة شهود، واستطعت تجميع أطراف القصة التي حكيتها لك سابقا.
فكثير من جوانب حياته الشخصية والسياسية في الجامعة لم يحكها لي أثناء الجلسات، كان كتوما للغاية فيما يخص علاقاته الاجتماعية، كذلك؛ فإن كثيرا من تفاصيل عملية الانتهاك الجنسي والنفسي التي تعرض لها في المعتقل، لم يحكها لي «إبراهيم»؛ لعدم معرفته بها، لكنني اعتمدت تقرير الطبيب الشرعي لاحقا، وخمنت البقية.
أعتقد يا سيدتي أنهم يطلقون عليه منظور الراوي
Narrator’s Point of View
في الأدب. فنحن هنا بصدد أقصوصة أرويها لك بمنظوري كراو مطلع على الأحداث التي تدور في الخلفية، وشخصية من الشخصيات التي تشترك في السياق، وتتكلم عن غيرها من الشخصيات، أملك بعض المعلومات؛ لكنني لا أقوم بضخها إلا فيما يخدم سياق الأحداث.
فلم يمنحني المؤلف - ضيق الأفق - كامل الصلاحية؛ لمعرفة كل شيء عن تفاصيل حياة «عمار» من البداية فأريح وأستريح. لكنه يصر على إرهاقي في ربط الأحداث والاستنتاج ومقابلة الشهود، فقط ليحتفظ لنفسه بشعور العليم المطلع على شيء، إرضاء لهواجس امتلاك المعرفة الكاملة، وكل ما يغذي نزعات ال (
God Comlex ) في أعماق ذاته الطفولية المختلة. لكنني أعرف أنه قد فقد السيطرة على شخوص ومجريات روايته، وبدأت أحداثها تفلت من يده فعليا، وتتخذ مجراها الخاص ككائن مستقل.
لكن ظلت هناك فترة غامضة من حياة «عمار» بالنسبة لي وللمؤلف نفسه، وهي الفترة ما بين عام 2004م، بعدما تعرضت قريته للهجوم من الجنجويد، وحتى عام 2011م، عندما التحق بجامعة الخرطوم.
في تلك الفترة لا توجد أي معلومات بخصوصه؛ أين كان يقيم؟ ومع من؟ من الشخص الغامض الذي احتواه وأسكنه في بيته؟ هل كان من أقربائه؟ من هم؟ إجابات أسئلة كهذه كانت ستضيء الكثير من جوانب شخصيته الغامضة، فهو لم يحك لي أي شيء عنها من قبل، ولم يشر إليها خلال جلساته معي.
Bog aan la aqoon