في الغالب لم أكن من نوعية الأطباء المتحمسين لاستخدام العلاج الكيميائي المباشر، ووصف مانعات استرداد السيروتونين والنورأدرينالين، أو أي من المهدئات الصغرى، فليست مضادات الاكتئاب هي العلاج الأنجع دائما. قد تعطي مفعولا وقتيا مهدئا للأعراض، لكنها لن تفيد على المدى الطويل، لم يكن أمامي سوي اتباع نمط العلاج السلوكي الإدراكي (
CBT )؛ لأستطيع الوصول بالتحليل النفسي لجذور الأفكار السلبية التي تسبب له تلك النوبات وتغذيها، لتغييرها لاحقا بأفكار أكثر صحية.
هكذا قمت بتحديد جلستين شهريا معه، مع بعض النصائح العامة إذا ما داهمته نوبة أخرى مجددا، خاصة عندما عرفت أنها النوبة الثالثة التي تداهمه خلال شهرين فقط. وأنه قد تعرض لأولى النوبات قبل شهرين في الجامعة، وقد تلاشت بسرعة قبل أن يصل للمستشفى. «حاول أن تسترخي، تنفس من أنفك، تذكر أنه لا يوجد تهديد حقيقي على حياتك الأمر لا يتعدى رد فعل خاطئ من جسدك تجاه خطر غير حقيقي. احصل على بعض الرياضة، لا تفزع قدر الإمكان.»
لم يكن «عمار» من الشخصيات السهلة السبر، كان شخصا متحفظا دفاعيا، ومنغلقا على نفسه بشدة، ولإحساسه في البداية بعدم الأمان ظل يعاملني بعداء مستمر. لكن سرعان ما تخلى عن سلوكه هذا بعد مضي عدة جلسات، وأصبحت تصرفاته أكثر انفتاحا وتقبلا.
تمدد على الأريكة وجلست خلف رأسه، وككل الجلسات يحكي لي عن أي شيء يشاء، بينما أقوم أنا بتسجيل المحادثة وتدوين الملاحظات، ومحاولة توجيه ذكرياته لمعرفة شيء ما قد يفيد في فهم جذور أزمته. - «ماذا أحكي اليوم؟» سألني وهو يحرك جسده على الأريكة لوضع أكثر راحة. - «أي شيء.» قلت له: «ما الذي تحب أن نتحدث عنه؟» - «لا أعرف.» قالها في هدوء.
قلت له: «حسنا، يمكنك أن تحكي لي عن اليوم الذي أصبت فيه بالنوبة الأولى.»
قال مغمضا عينيه، وهو يشبك كفيه فوق بطنه: «أعتقد أنه كان قبل عام تقريبا.» - «هل كان هنالك شيء مميز في ذلك اليوم؟» - «لا، كان اليوم الأول لي في الجامعة.»
قمت بكتابة بعض الملاحظات، ثم سألته: «حسنا، متى أصبت بها مجددا؟»
صمت لحظات، ثم قال: «أعتقد أنها كانت بعد شهرين أو ثلاثة من النوبة الأولى، كانت في ديسمبر نهاية العام السابق.»
مجددا سألته: «هل كان هنالك شيء مميز في ذلك اليوم؟»
Bog aan la aqoon