لم يشأ «عمار» أن يخوض في نقاش خاسر كما قال لنفسه، فوعدهم بالتفكير في الأمر والمحاولة في يوم ما. وبينما انخرطت «هبة» في نقاش جانبي مع «إبراهيم» بدأ يشعر بأنه ليس على ما يرام .
حسنا. اعتقد أن التأثير كان ساحقا هذه المرة. بل كان مدمرا لو شئت الدقة.
ففي البداية كان الدوار.
والأرض تميد تحت قدميه، بينما كل شيء يتأرجح ويهتز أمام ناظريه.
ثم بدأ الضيق يجتاح صدره فجأة، يشعر بأنه لا يستطيع أن يتنفس. وقف على قدميه دفعة واحدة، ثم انحنى للأمام متكئا براحتيه على ركبتيه وكأنه يصلي، فغر فاه عن آخره وهو يعب الهواء في نهم، يتدفق شلال الأوكسجين، لكنه لا يصل إلى رئتيه فعلا. لا تزال رئتاه تنقبضان.
بدأ قلبه يخفق بجنون، وراحت دقاته تزداد بشكل كبير حتى بدأ يسمع صوت الدوي في أذنيه بوضوح. وبرودة قاسية تسري في أطرافه التي بدأت في الارتعاش فعليا. «لا بد أنها مشكلة في القلب»، قال لنفسه وهو يجاهد للتنفس. وعندما بدأ يشعر بالانفصال والاغتراب عن المكان داهمه ذلك الشعور المرعب والمسيطر بقوة بأنه سيموت هنا والآن.
يحاول أن يصرخ في هلع: لا أريد أن أموت الآن. لكن صوته الراجف يحتبس في حلقه. شفتاه ترتجفان كما أطرافه.
هذا هو الموت يا صاحبي وتلك سكراته، ولكم كانت حياتك قصيرة مختصرة!
كحشرة المايفلاي تولد وتموت قبل غروب شمس نفس اليوم. تلك هي حياتك.
لكنني لا أريد أن أموت. لم أصل منذ أيام.
Bog aan la aqoon