فَقَالَ الْعَارِف وَأَنا عصيت وَأَنا اجترأت وَأَنا خَالَفت فَسمع هاتفا يَقُول وَأَنا سترت وَأَنا صفحت وَأَنا غفرت فَافْهَم هَذَا السِّرّ فَإِنَّهُ لَا يعقله إِلَّا الْعَالمُونَ
أَعنِي هَذَا وَمَا قَدمته من أَنه يتَصَرَّف فِي أَفعَال خلقه كَيفَ يَشَاء ﴿لَا يسْأَل عَمَّا يفعل وهم يسْأَلُون﴾
فَإِنَّهُ قيل إِنَّه لَا يَلِيق بإلهيته وعدله وجوده أَن أَن يعذب خلقه لأجل مَا فعله فيهم من الاضلال وَالْكفْر والعصيان وَقد قَالَ
﴿إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا﴾
فَالْجَوَاب أَن تَقول من هَهُنَا غلطتم وظننتم أَن الله يعذب خلقه بكفرهم ومعاصيهم وَنحن نقُول أَنه لَا يُعَاقب وَلَا يعذب إِلَّا بِحَق الْملك وَجعل الْكفْر والعصيان عَلامَة على الْكَافِر والعاصي ولتصح الْمُعَامَلَة بَين الْمُؤمنِينَ والكافرين فيوالي أولياءه ويعادي أعداءه ويجاهد الْكفَّار ويعز الْمُؤمنِينَ كَمَا وصف أَصْحَاب نبيه ﵇ فَقَالَ تَعَالَى ﴿أَذِلَّة على الْمُؤمنِينَ أعزة على الْكَافرين﴾ ﴿أشداء على الْكفَّار رحماء بَينهم﴾
وَتَصِح المناكحة والموارثة والعيادة والموادة وَسَائِر معاملات الشَّرْع فَاعْلَم ذَلِك
وَالدَّلِيل على أَن الله سُبْحَانَهُ لَا يعذبهم إِلَّا بِكَوْنِهِ عبيده وَملكه قَول عِيسَى ﷺ فِيمَا حَكَاهُ الله عَنهُ إِذْ يَقُول ﴿إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك﴾ وَلم يقل عصوك وَانْظُر
1 / 36