Nolosha iyo Dhaqdhaqaaqa Fikirka ee Britain
الحياة والحركة الفكرية في بريطانيا
Noocyada
هي هيئة معنوية من الأساتذة والطلبة يتخصصون في دراسة فرع معين من فروع المعرفة كالطب أو كالعلوم أو كالحقوق إلخ، وهؤلاء لا يكونون بالضرورة مجتمعين في صعيد واحد، أما الكلية بمعنى
College
فيحسن أن يعدل عنها إلى لفظ مثل دار أو قاعة أو رواق؛ لأنها تدل على بناء محدود الأرجاء ينتمي إليه مجموعة من الطلبة والأساتذة ليسوا بالضرورة يدرسون فرعا واحدا من فروع العلم، وتجمعهم روابط اجتماعية وثقافية ليس بينها بالضرورة رباط التخصص في علم واحد، هذه الدور أو هذه الأروقة في كل من أكسفورد وكمبردج هي أساس الحياة الجامعية بالمعنى الصحيح، فكل طالب بل وكل أستاذ فخور بالدار التي ينتمي إليها حريص على تقاليدها، مطالب بالمحافظة على نظامها، وهو في الغالب يحافظ على هذه النظم بروح الولاء مما سيجيء الكلام عنه فيما بعد.
وفي القارة الأوروبية أنشئت جامعات متعددة في القرون الوسطى عدا سيلرنو وباريس؛ منها مونبلييه عام 1289، وتولوز عام 1233، وبلد الوليد عام 1346، وأشبلييه عام 1254، وفيينا عام 1364، وهيدلبرج عام 1385، وبودابست عام 1475، وفرايبرج عام 1455.
ومن ذلك يتضح أن إنشاء الجامعتين الرئيسيتين في إنجلترا حدث في القرون الوسطى، وأنه كان حلقة في سلسلة من الحوادث المشابهة في سائر أنحاء أوروبا، فالجامعات إذن ليست وليدة النهضة، بل سابقة لها ومؤدية إليها، والجامعتان الإنجليزيتان على وجه الخصوص ليستا قائمتين على الثورة الفكرية، بل على شيء آخر هو أقرب ما يكون إلى الرزانة التي يتميز بها رجال الدين، وإلى الثبات والتؤدة اللذين تتصف بهما الكنيسة، وفي الواقع إذا رجعنا إلى تاريخ إنشاء الجامعات في القرون الوسطى نجد أن القائمين بها كانوا في الغالب من رجال الدين، وكان بعضهم من الرهبان الذين وهبوا أنفسهم للكنيسة، وكانت الروح المتغلبة عليهم هي روح التقوى وروح الطاعة وروح النظام، وكانت الدراسات الجامعية في ذلك العهد ترتبط أشد ارتباط بالتعاليم الدينية، وكانت المسائل العلمية إذا استعصت رجع فيها إلى نص من النصوص التي اتفق على احترامها كالكتاب المقدس أو كمؤلف من مؤلفات بطليموس، فكلما ازداد فهم الطلبة والأساتذة لهذه الكتب الرئيسية ازداد فهمهم للدين وللعلوم والفنون، ومن أجل هذا كان منطق التعليم في القرون الوسطى منطقا قياسيا استنتاجيا يرجع فيه إلى مقدمات مسلم بها ثم تؤدي هذه المقدمات إلى نتائجها المنطقية.
والشيء الذي أريد أن أؤكده، والذي سأشير إليه فيما بعد في أمر هذه الجامعات، هو أن نشأتها كانت محاطة بجو من التقاليد ينطوي على روح المحافظة واحترام التقاليد، كما أن نظمها كانت تنطوي على نفس هذه الروح، فتجعل الأساتذة طبقات أو درجات، منها الكبير ومنها الصغير، وتوجب على ذي الدرجة الصغيرة احترام ذي الدرجة الكبيرة، فالحاصل على درجة الدكتوراه مميز على غيره، يرتدي أردية خاصة حمراء اللون تشبه أردية الأساقفة، ويحضر مجالس خاصة لا يحضرها غيره، هذه الأرستقراطية العلمية المقرونة بالمحافظة الشديدة هي التي أريد أن أوجه النظر إليها في هذه المرحلة؛ لما لها من ارتباط بما سيأتي ذكره فيما بعد عند الكلام عن العلم والعلماء في إنجلترا.
ننتقل بعد ذلك من القرون الوسطى إلى عصر النهضة، فنجد شيئا آخر غير المحافظة وغير الرجوع إلى الكتب وغير الخضوع لسلطة الكنيسة، فقد اتضح لكثير من المفكرين أن الكتب القديمة مهما كان تقديسنا لها واحترامنا إياها لا يمكن أن تحوي كل ما يمكن الوصول إليه من فروع المعرفة، وأن في العالم حقائق لا تحصى لم تدون في الكتب ولم تعها خواطر الأقدمين، كما اتضح أن العقل البشري يستطيع أن يصل عن طريق الحواس إلى معرفة ما يحيط بنا من ظواهر الطبيعة، والعقل البشري يستطيع أن يفعل ذلك بطريقة مباشرة ودون التجاء إلى الكتب أو إلى رجال الكنيسة أو إلى رجال الجامعات، وقد كان بعض الفلاسفة في القرون الوسطى في أوروبا قد اتجه إلى هذا النوع من التفكير، فمثلا نجد
Roger Bacon
الفيلسوف الإنجليزي الذي عاش في القرن الثالث عشر (1214-1292) نجد أن هذا الفيلسوف المنتمي إلى جامعة أكسفورد يتكلم عن حرية الفكر، وعن إمكان الالتجاء المباشر إلى الطبيعة في طلب المعرفة، وقد اضطهدت الكنيسة
Roger Bacon
Bog aan la aqoon