185

Nolosha Bariga

حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره

Noocyada

ألا تتحرك الشفقة في قلوبنا نحوهم ونحو بلادهم؟ ألا نرثي لهم؟ ألا يستحقون عنايتنا؟

أمة تعيش في هذا الجيل تحت أنظمة القرون الوسطى وتخنق جهارا، أفلا يليق بالعالم الإسلامي أن يضج ويصخب في سبيل معونتها وإنقاذها أو على الأقل تخفيف ويلاتها؟

ومع هذا كله رأيت ذلك السوري المسيحي الفاضل الذي يدافع عن وطنه الذي تحكمه فرنسا المتمدنة يقول لي: لقد أزعجنا شوكت علي بقوله «الإسلام في خطر!» إن الإسلام في حرز حريز، وهو في أفئدتنا مصون محترم، إن الإسلام ليس في خطر، ولكن الأمم الإسلامية هي التي في خطر!

فسكت، ونظرت إليه وعجبت! فماذا أقول له؟ إن الإسلام ليس هو الكتب المنزلة وليس هو حديث البخاري ولا فقه مالك ولا الكتب الستة ولا مذهب ابن حنبل، هذا الإسلام المكتوب والمدون ليس في خطر ولا يمكن أن يكون في خطر، وإنما المقصود بالإسلام هو أممه وشعوبه يا سيدي المعترض، إن المجاز جائز في اللغة. ليس شوكت علي

1

وحده هو الذي يقول إن الإسلام في خطر، ولكنني أنا وكل مسلم وكل شرقي وكل مسيحي نشأ في مدنية الإسلام واستظل بها يقول عندما يقف على حاضر الإسلام إن الإسلام في خطر، وإنها لكلمة وجيزة يقصد بها أن الأمم الإسلامية في أنحاء العالم في خطر وفي ألف خطر. فماذا يغضبك أنت وماذا يهمك وماذا يزعجك؟ وأي شيء قدمته للإسلام؟ وأية أمة شرقية دافعت عنها غير أمتك منذ احتلتها فرنسا تلك التي كان فريق منكم يسميها «الأم الحنون»؟ ألم تدعوا انحداركم من أصلاب الصليبيين؟ فها هي الأم الحنون! وها هي بنت الكاثوليكية البكر تحكمكم، أفليست سورية الآن في خطر؟ فماذا يضيرك أن يقول شوكت علي «الإسلام في خطر»، إن لم تكن بقية تعصب في نفسك وكره منك أن تسمع صوت من يريد إغاثة تلك الأمم؟ أستميح إخواني السوريين معذرة ولا سيما المخلصين منهم.

إن المسألة الشرقية التي تشعبت قبيل الحرب العظمى وبعدها فصارت «مسائل الشرق» أصبحت لا تهم الشرق وحده، بل تهم العالم أجمع ولا سيما بعد يقظة الشرق، وتنبه أفكار شعوبه، واتجاهها نحو النهوض في الخمسين عاما المنصرمة.

لا نقول إن الشرق نهض أو إن الإسلام تيقظ، لأن في هذا القول مبالغة وإغراقا، ولكن نقول في الشرق والإسلام بداية تنبه ويقظة، وظهور رغبة في النهوض، كالنائم الذي يفتح عينيه وينفض عن أجفانه آثار الكرى، فإن بينه وبين اليقظة التامة والنهوض الكامل مسافة طويلة، فهذه بداية الأمل وأول مظهر لنور الفجر الصادق، وبيننا وبين تحقيق الأمل والانتفاع بالنور جهود يجب أن تبذل، وعقبات ينبغي أن تقهر ، وصعوبات يتحتم التغلب عليها.

والشرق والإسلام والعرب في حاجة إلى العلم والعمل، وفي حاجة إلى تشكيلات ومؤسسات ومناهج وخطط، سلمية وعلمية. وفي حاجة إلى إصلاح اجتماعي، ونهضة اقتصادية، وتدريب سياسي، لأن العظمة لا تنال بالأماني والحقوق لا تسترد بالقول مهما كان بليغا أو صادقا! وكل من يقول غير ذلك أو دونه يكون مخطئا أو متعجلا، كفانا الله شر الخطأ والعجلة!

والشرق في حاجة إلى زعماء مخلصين، يقدرون الزعامة قدرها ويعملون بنيات سليمة ومقاصد شريفة دون مراعاة لمصالحهم الشخصية، بل يفضلون المنفعة العامة على منافعهم ومنافع ذويهم، وأن يكونوا مع ذلك منورين، ذوي شجاعة وإقدام، وأهل بصيرة وتؤدة.

Bog aan la aqoon