وهكذا، كنت أحاصره كثيرا بهذه الطريقة، كلما نجحت في الانفراد به، وكنت أؤكد عليه: «لا تخبر أمي.» فقد كان هو كل ما لدي كي أختبر إيماني عليه؛ إذ كان علي أن أعثر على شخص ما، ولكنني لم أحتمل عدم اهتمامه في قرارة نفسه، والرضا الذي يشعر به في عالم بلا إله، وظللت أكرر محاولاتي في هذا الجانب. كما كنت أشعر أيضا أنه نظرا لأنه أصغر مني وظل تحت سيطرتي لفترة طويلة، فإن عليه التزاما بأن يتبعني، وعدم اعترافه بذلك كان يمثل علامة على التمرد.
وفي غرفتي، كنت أغلق الباب، وأقرأ في كتاب الصلوات العامة.
وأحيانا وأنا أسير في الشارع كنت أغلق عيني (بنفس الطريقة التي اعتدنا بها أنا وأوين ممارسة لعبة الأعمى) وأقول لنفسي وأنا أقطب ما بين حاجبي وأدعو «يا رب، يا رب، يا رب»، ثم أتخيل لبضع ثوان متقلقلة سحابة كثيفة مشرقة تهبط على جوبيلي وتلتف حول رأسي، ولكن فتحت عيني فجأة وأنا أشعر بالقلق، فلا يمكنني أن أسمح لتلك الحالة بالسيطرة علي، أو أسمح لنفسي بالتعبير عنها بوضوح، كما خشيت أيضا أن أصطدم بشيء وأجعل من نفسي أضحوكة.
ثم جاءت الجمعة الحزينة، وكنت أستعد للخروج عندما جاءت أمي إلى البهو وسألتني: «لم ترتدين قلنسوتك؟»
لقد حان الوقت كي أتخذ موقفا، «إنني ذاهبة إلى الكنيسة.» «لا توجد كنيسة اليوم.» «إنني ذاهبة إلى الكنيسة الأنجليكانية، فهم يذهبون إلى الكنيسة في يوم الجمعة الحزينة.»
اضطرت أمي للجلوس على الدرج، ورمقتني بتلك النظرة المتفحصة الشاحبة الغاضبة، التي رمقتني بها قبل عام عندما وجدت رسما رسمته أنا وناعومي في كراستي لامرأة بدينة عارية، ذات ثديين منتفخين ومكمن ضخم من شعر العانة الأسود البارز. «هل تعرفين ما هي ذكرى الجمعة الحزينة؟»
فقلت باقتضاب: «الصلب.» «إنه يوم وفاة المسيح من أجل تكفير خطايانا، هذا ما يخبروننا به. هل تصدقين ذلك؟» «نعم.»
فقالت أمي وهي تهب واقفة على قدميها: «المسيح مات من أجل تكفير خطايانا.» وفي مرآة البهو حدقت بعدوانية في وجهها الشاحب وتابعت قائلة: «حسنا، حسنا. الافتداء بالدم. إنها فكرة لطيفة. ربما تصدقين أيضا الآزتك وهم ينتزعون القلوب الحية لأنهم يعتقدون أن الشمس لن تشرق وتغرب ما لم يفعلوا ذلك، والمسيحية ليست أفضل حالا. ما رأيك في إله يطلب الدماء؟ دماء، دماء، دماء. استمعي إلى ترانيمهم، إن هذا كل ما تدور حوله. ماذا عن إله لم يرض حتى علق شخص على صليب لمدة ست أو تسع ساعات، أيا كان؟ فلو كنت أنا ذلك الرب فلن أكون متعطشة للدماء هكذا، فالبشر الطبيعيون لا يتعطشون للدماء هكذا، باستثناء هتلر. ربما يصبحون كذلك يوما ما ولكن ليس الآن. هل تفهمين ما أقول؟ هل تدركين مقصدي؟»
فقلت بصراحة: «كلا.» «إن الرب من صنع الإنسان! وليس العكس! الإنسان هو من صنع الرب أثناء مرحلة من تطوره أكثر انحطاطا وأكثر تعطشا للدماء مما هو عليه الآن، نأمل في ذلك. لقد صنع الإنسان الرب على صورته، وقد ناقشت القساوسة في ذلك الأمر، وأنا على استعداد لمناقشته مع أي شخص، فلم أقابل من يجادل ضد هذا الافتراض ويقول كلاما منطقيا.» «أيمكنني الذهاب؟»
فقالت أمي: «أنا لا أمنعك من الذهاب.» رغم أنها قد تحركت كي تسد الباب بالفعل. «اذهبي واحصلي على كفايتك، وسوف ترين أنني على حق. ربما كنت تشبهين أمي.» وحدقت في وجهي بحثا عن آثار للتعصب الديني، وتابعت قائلة: «لو كنت كذلك، فأعتقد أن الأمر خارج عن سيطرتي.»
Bog aan la aqoon