وأحبها أديبة فيلسوفة شاعرة تستطيع أن ترتفع إلى سمائه وتحلق في واديه، وله مثل قدرتها على الطيران والتحليق في آفاق الشعر والحكمة والخيال، فما التقيا مرة حتى كان حديثهما فنونا من الشعر وشذرات من الفلسفة وقليلا من لغة العشاق في همس من لغة العيون ... وقال لها مرة: «إن الحب يا عزيزتي ...»
قالت: «إن فلسفة الحب ...»
قال: «بل، أعني حقيقة الحب ومعناه ...»
قالت: «دع عنك يا حبيبي ... إن أحلام الحب هي شيء غير الحب، أفأنت تريد ...؟»
فاختلجت شفتاه وأطرق، وراح يسأل نفسه: «ما الحب؟ وما فلسفة الحب؟ يا ضيعة المنى إن كان الحب شيئا غير الذي في نفسي!»
وتحدث ضميره في ضميرها فابتسمت وهي تقول: «أنا ما أحببتك رجلا، بل فكرا وروحا ونفسا شاعرة، وأنت بكل ذلك ملء نفسي وملء قلبي، فلا تلتمس في طباع أنثى وإلا ضل ضلالك أيها الحبيب ...!»
قال: «فهل رأيتني يا حبيبتي إلا فكرة تطيف أبدا بك، وروحا ترفرف حواليك، ونفسا تغترف الشعر والحكمة من وحي عينيك ...؟»
قالت: «دع عنك ذكر عيني يا حبيبي، إن الحب ليس هناك، إن الحب ...»
قال: «لا تحدثيني عن الحب، يخيل إلي أني أعرفه؛ لأني أجد مسه على قلبي كلذع الجمر، ولكن آه، ولكنك أنت ...»
وقالت له نفسه: «إنك - يا صاحبي - تضرب في بيداء، إن الشعر والحكمة والفلسفة لا تلد الحب، فهل أحببتها أنت إلا للشعر والحكمة والفلسفة؟ فلن تجد بذلك منها الحب، إن الحب من لغة القلب، أما هذه ...»
Bog aan la aqoon