ومن أجل أولاده أنشأ كثيرا من المقالات عن عيوب الامتحانات لمناسبات مختلفة كان ينشرها في المقطم، وكانت له طلبات ومقترحات إلى وزارة المعارف أجابت أكثرها ولم ينتفع بها أحد من ولده ومن أجلهم أنشأها!
أنشأ هذه المقالة قبيل عيد الأضحى، وكان اشترى خروفين للتضحية أودعهما فوق سطح الدار إلى ميعاد، فما نزعه إلى كتابة هذا المقال إلا هذان الخروفان، ثم حاجته إلى أن يقدم إلى ولده نموذجا في الإنشاء يعينه على بعض واجبه المدرسي. •••
وكان للرافعي رأي فيما تنقل الصحف من أخبار تركيا، تفسره مقالة «تاريخ يتكلم»، وقد دعاه إلى إنشاء هذا المقال أخبار تناقلتها الصحف في ذلك الوقت عن أحداث تجري في تركيا، رأى فيها مشابها من حوادث سبقتها في مصر قبل ذلك بألف سنة في أيام الحاكم بأمر الله الفاطمي.
وفي أحيان كثيرة كانت تثور نفس الرافعي لما يسمع من أخبار تركيا فيهم أن يكتب، ثم يمنعه ذلك خشيته أن يكون فيما يكتبه شيء يقفه موقف المسئول عن غلطة تعكر صفاء ما بين الدولتين، ثم جاءت مناسبة هذه المقالة فأنشأها وجعل الحديث فيها عن الحاكم بأمر الله، وهو يعني رئيس الجمهورية التركية لذلك العهد، وكانت هذه التعمية وسيلته ليتهرب من التبعة السياسية، ومنها كان الغموض في كثير من معاني هذا المقال، فمن شاء فليعد إليه ليقرأه وقد عرف داعيه، فلعله لا يجد غموضا فيه من بعد.
ومن أجل هذا السبب ولهذا المقصد نفسه، كان مقاله «كفر الذبابة»، الذي أنشأه على أسلوب كليلة ودمنة بعد ذلك بأشهر. •••
ثم هل هلال المحرم، وتهيأت الرسالة لإصدار «العدد الممتاز» في ذكرى الهجرة، فكتبت إلى الرافعي فيمن كتبت من أسرة الرسالة، تطلب إليه أن يهيئ موضوعا مناسبا لذكرى الهجرة، وضربت له أجلا، واستبق الرافعي الميعاد فأعد قصة «اليمامتان» وبعث بها إلى الرسالة قبل موعد العدد الممتاز بأكثر من أسبوع، وحسبت الرسالة أنه بعث إليها بمقاله الأسبوعي المعتاد، وأنه ما يزال يعد موضوعه للعدد الممتاز، فنشرت قصة اليمامتين قبل موعدها، وكتبت إليه تستنجزه المقال ... وكان الرافعي متعب الأعصاب، يشكو وجعا في أضراسه يثقل رأسه، وقد غاظه أن الرسالة فوتت عليه الفرصة فسبقت إلى نشر القصة التي أعدها للعدد الممتاز قبل موعدها وتركته في حيرته، ولم يجد في نفسه خفة إلى العمل، فذهب إلى أوراقه القديمة يفتش بينها عن موضوع خليق بالنشر في هذه المناسبة، فوقع على مقالة «حقيقة المسلم»، وكان كتبها قبل ذلك بسنتين إجابة لدعوة جمعية الكشاف المسلم بالشام،
2
ونشرها بالأهرام في ذكرى المولد النبوي لسنة 1352ه، فبعث بها إلى الرسالة لتنشر في العدد الممتاز لسنة 1354ه.
يتحدث الرافعي في قصة اليمامتين عن الفتح الإسلامي، وأخلاق العرب، وتعريب مصر الفرعونية الرومانية، وافتتان القبط بسجايا العرب ومزايا الإسلام، وفيها إلى ذلك حديث عجيب عن الحب والمرأة في قصة خيالية افتعلها ليبلغ بها ما في نفسه من معاني الحب، ثم جعل في خاتمتها «نشيد اليمامة» اليمامة التي تقول الرواية العربية إنها تحرمت في جوار عمرو بن العاص فمنعته أن يقوض فسطاطه!
كان لهذه القصة عند الرافعي وعند كثير من قراء الرسالة موقع لم تبلغه قصة سعيد بن المسيب، وقد افتتن بها القراء، حتى كان منها أن اهتدى إلى الإسلام أستاذ مسيحي من أساتذة التاريخ في بلاد الجزائر، فكتب إلى الرافعي رسالة يعلن فيها إليه إسلامه، ويسأله الوسيلة إلى دراسة هذا الدين والتفقه فيه، ولم أعثر على هذه الرسالة بين ما خلف الرافعي من رسائل أصدقائه إليه.
Bog aan la aqoon