68

و«يجوز» هي كل ما أقوله في التعقيب على هذه الفكرة القريبة البعيدة، ولولا أنني استقلت من النظارة ورفضت استقالتي قبل ذلك، لرجحت التدبير بفعل فاعل من القناعة «بالقضاء والقدر » في تعبير العارفين بالحواشي الملكية!

في الحرب العالمية الأولى

ساعات بين الكتب

أقمت في القاهرة أياما بعد استقالتي من تحرير «المؤيد» على نية السفر إلى الصعيد الأعلى، وقد منيت نفسي موسما كاملا من المواسم الجميلة في مدينة الشتاء، ورسمت برنامجي لذلك الموسم الموعود بين المطالعة والتأليف والرياضة، والبحث عن التاريخ الطبيعي، ومضامين الآثار في أسوان، وهي غنية بالمضامين المعلومة والمجهولة، من أيام الفراعنة إلى أيام المماليك إلى أيام الدولة العثمانية ...

وأعددت العدة للكتاب الذي نويت تأليفه باسم «الساعات بين الكتب»، وجعلت عنوانه دليلا على موضوعه أو موضوعاته، فهو كتاب أسطر فيه خلاصة ما قرأت وزبدة التعليقات التي وقعت في خاطري واطلعت عليها أثناء القراءة، أو هو كتاب عن الكتب أردت به أن أصل بين عالم الكتب وعالم الحياة وبين آراء المؤلفين وآراء القراء، كما تبدو لي من النظر والمراجعة والأحاديث.

وكان الموسم خصبا حقا بثمرات التأليف؛ لأنني انتهيت من كتاب «ساعات بين الكتب» في نحو خمسمائة صفحة، وأودعته ثمرة الاطلاع والتأمل في أهم مذاهب الفكر الحديث، وأولها مذهب داروين ومذهب نيتشه في السوبرمان ... وهذا الكتاب غير الكتاب الذي ظهر بعد ذلك باسمه وأعيد طبعه مرات؛ لأن «ساعات بين الكتب» التي كتبتها في أسوان ضاعت مرتين، ولم يبق منها غير خمسين أو ستين صفحة.

الإنساني الثاني

وفرغت من كتاب غير الساعات، عن المرأة، سميته «الإنسان الثاني» ولم يبق منه كذلك غير صفحات.

وأتممت رسالتي «مجمع الأحياء» تلخيصا للآراء في فلسفة النشوء، وفلسفة القوة، وفلسفة الفطرة التي تهذبها الرياضة النفسية والاجتماعية، وهو الكتاب الوحيد الذي تم ونشرته تاما بعد تأليفه بفترة وجيزة ...

ونظمت في هذا الموسم الأسواني أكثر من نصف قصائد الجزء الأول من الديوان، ومنها قصيدة دالية مطولة نبذتها بعد ذلك؛ لأنها تعبر عن دفعة من دفعات الفكر لم يبق لها في نفسي سند سليم ولا مسوغ مقبول ...

Bog aan la aqoon