134

ومن دواعي الغبطة أنني رأيت دلائل الشعور بهذه التبعة العظيمة - على هذا الأساس القويم - في كل من لقيت من ذوي الرأي والمكانة بين خاصة أبناء الأمم العربية.

فهم - مع إيمانهم بجدوى هذا التعاون الأخوي في تخفيف الأعباء، ومضاعفة القدرة على النجاح - يعتقدون أنه قد ضاعف شعورهم بالتبعة، وتقديرهم للواجب، ورعايتهم للحقوق؛ لأن عمل أمة تسأل عنه أمم، وكلمة فريق من المجاهدين قد تحسب على كل فريق.

قلت للكاتب الصهيوني: إن مصر لا تريد السيطرة على الأمم العربية ولو جاءتها السيطرة بغير سعي منها ...

وأحسبني أردد كل رأي رشيد في الأقطار العربية حين أقول: إن الضجة الخاوية التي سولت لبعض الظنون أن تهجس فيها هذه الهاجسة قد ذهبت إلى غير رجعة، وإن العمل الوقور هو العمل الوحيد الذي يليق بخدام هذه القضية الكبرى، وإنه لا يستقيم على أساس كما يستقيم على أساس التعاون الأخوي في حدود الاستقلال المرعي، ومرحبا بآمال الأمم العربية في الأمة المصرية، ولو طالبتها بالحصة الكبرى من المعونة وتوجهت إليها بالجانب الأكبر من الرجاء ... فحبذا مضاعفة الواجب كلما تضاعفت الطاقة، وحبذا أن تزداد القدرة، ويزداد معها التوفيق إلى تحقيق الآمال.

دين وفلسفة

الله

في رأينا أن مسألة وجود الله مسألة «وعي» قبل كل شيء، فالإنسان له «وعي» يقيني بوجوده الخاص وحقيقته الذاتية، ولا يخلو من «وعي» يقيني بالوجود الأعظم والحقيقة الكونية؛ لأنه متصل بهذا الوجود، بل قائم عليه.

والوعي والعقل لا يتناقضان، وإن كان الوعي أعم من العقل في إدراكه؛ لأنه مستمد من كيان الإنسان كله، ومن ظاهره وباطنه، وما يعيه هو وما لا يعيه، ولكنه يقوم به قياما مجملا.

ونحن نخطئ فهم العقل نفسه حين نفهم أنه مقصور على ملكة التحليل والتجزئة والتفتيت، وأنه لا يعمل عمله الشامل إلا على طريقة التقسيم المنطقي، وتركيب القضايا من المقدمات والنتائج، وإثباتها بالبراهين على النحو المعروف.

فالعقل موجود بغير تجزئة وتقسيم ... وهو في وجوده ملكة حية تعمل عملا حيا، ولا يتوقف عملها على صناعة المنطق وضوابطه في عرف المنطقيين ... وهو في وجوده هذا يقول: «نعم.» ويقول: «لا.» ويحق أن يقولهما مجملتين في المسائل المجملة على الخصوص.

Bog aan la aqoon