وقد تكون الحاجة إلى الهجاء كالحاجة إلى البكاء، في طبائع الشعراء، فلنقل: إن الشعراء الهجائين ظالمون مظلومون، وكلهم في هذه الخلة سواء. •••
وأعود إلى دعبل فأقول: إن الإعياء الذي ابتليت به أطيافه وبروقه ليست من فعل الزمن وحده، ولكنها من فعل الخيبة التي كانت تلاحقه حيث ذهب، فلا هو استقر في صعيد مصر، ولا هو استقر في صعيد حيث كان.
وقبل أن ينشط العصر الحديث بأصداء الأثير، وأطياف الستار الأبيض نظر الشعراء إلى أسوان بغير هذه العين التي تستعجز البرق، وتتهم الطيف بالقصور، نظروا إليها بعين الرضا، فوجدوا فيها بغية الطلاب على اختلاف المقاصد والآراب، كما قال جعفر بن ثعلب أبو الفضل كمال الدين:
أسوان في الأرض نصف دائرة
الخير فيها والشر قد جمعا
تصلح للناسك التقي إذا
أقام والفاتك الخليع معا
وحسنها ما أراك مبدعة
تروق إلا بأختها شفعا
وقد حببت الحياة إلى أبنائها حتى قال فيها أحد هؤلاء الأبناء من الشعراء:
Bog aan la aqoon