Nolosha Masiixa: Taariikhda iyo Daahfurka Casriga ah
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
Noocyada
فقد أنبأهم أنهم سيتخلون عنه، وقد ناموا وهو يسألهم أن يسهروا معه، وقد لامهم غير مرة؛ لأنهم يتنافسون على السبق، أو لأنهم يستبطئون جزاءهم على الإيمان، أو لأنهم - بعد وعظهم وتذكيرهم - لم يزالوا يفرقون بين الناس، ويدينون بشريعة غير شريعة الحب والغفران، ولم يكن على اليقين ينتظر منهم أكثر مما نظر، أو تفوته منهم في أوائلهم حالة ظهرت له في أواخرهم، ولكنه علم المطلوب منهم كله فوجد فيه الكفاية؛ علم أنهم نموذج لغيرهم يتكرر على مثالهم، وليس مطلوبا من الناس في العالم الواسع أن يدركوا مقاما من الإيمان فوق مقام الإخلاص وحسن الاستعداد لإصلاح العيوب، وهذا المقام قد أدركه التلاميذ يوم وكل إليهم أن يسيحوا في أرض الله، ويجعلوا من أنفسهم مثلا يقتدي به المخلصون.
فهو لم يقصد إعدادهم ليخرجهم طرازا معصوما لا عيب فيه، ولا مأخذ فيه، ولكنه قصد إعدادهم؛ ليحسنوا القدوة، ويجمعوا حولهم من يسلك مسلكهم، ويستقبل معهم قبلتهم، ويكلفوا أنفسهم غاية ما يستطيعون، وقد يستطيع من يقفوهم فوق ما استطاعوه.
ومن العبارات ذات المغزى الكبير في الإنجيل أن المسيح مضى شوطا بعيدا في دعوته، ولم يقل لهم إنه هو المسيح المنتظر، فشاع ذكره في القرى، وتساءل الناس عنه: من يكون؟ فمنهم من يقول إنه يوحنا المعمدان قد بعث من الموتى، ومنهم من يقول إنه إلياس، ومنهم من يقول إنه نبي مبعوث، والمسيح لا يقول للتلاميذ إنه المسيح، بل سألهم بعد شيوع ذكره، وتساؤل الناس عنه: وأنتم من تقولون إني أنا هو؟ فأجابه بطرس: أنت المسيح. فانتهره، وأوصاهم ألا يذكروا ذلك لأحد، في رواية إنجيل مرقس، أما في إنجيل متى فقد روي أن بطرس قال: «أنت هو المسيح ابن الله الحي.» فأجاب يسوع وقال: «طوبى لك يا سمعان بن يونا، أن مخلوقا من لحم ودم لم يعلن لك، ولكنه أبي الذي في السماوات، وأنا أقول لك إنك أنت بطرس،
1
وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها، وأعطيك مفاتيح السماوات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطا في السماوات، وكل ما تحله على الأرض يكون محلولا في السماوات، ثم أوصى تلاميذه ألا يقولوا لأحد إنه هو يسوع المسيح.»
أما في إنجيل لوقا فالرواية أقرب إلى رواية إنجيل مرقس: «ففيما هو يصلي على انفراد، كان التلاميذ معه فسألهم قائلا: ماذا تقول الجموع عني؟ فأجابوا أنهم يقولون: يوحنا المعمدان. وآخرون يقولون: إن نبيا من القدماء قام. ثم سألهم: وأنتم من تقولون؟ فقال بطرس: مسيح الله. فانتهرهم، وأوصاهم ألا يقولوا ذلك لأحد.»
والرواية في يوحنا أقرب إلى تصوير ما قدمناه، فإن السيد المسيح أحس أن الناس يتراجعون عنه «وأن كثيرا من تلاميذه رجعوا إلى الوراء، ولم يمشوا معه، فقال للاثني عشر: ألعلكم أنتم تريدون أيضا أن تذهبوا؟ فأجاب سمعان بطرس: يا رب! إلى أين نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك، ونحن قد آمنا، وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي. فأجابهم: ألست أنا اخترتكم؟ وواحد منكم شيطان»!
وقد تسمى كثيرون باسم التلاميذ، فقال لهم كما جاء في إنجيل يوحنا: «قال يسوع لليهود الذين آمنوا به إنكم إن ثبتم في كلامي كنتم بالحقيقة تلاميذي، وتعرفون الحق، والحق يحرركم. فأجابوه: إننا ذرية إبراهيم، ولسنا عبيدا لأحد، فكيف تقول إنكم ستصيرون أحرارا؟ قال: الحق الحق أقول لكم إن كل من يعمل للخطيئة فهو عبد للخطيئة، والعبد لا يبقى في البيت أبدا، إنما يبقى فيه الابن إلى الأبد، فإن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارا، أنا عالم أنكم ذرية إبراهيم، لكنكم تريدون قتلي؛ لأن كلامي لا يقع منكم موقعا، أنا أتكلم بما رأيت عند أبي، وأنتم تعلمون ما رأيتم عند أبيكم. فأجابوه: إن أبانا إبراهيم. قال: لو كان أباكم لعملتم عمله، ولكنكم الآن تطلبون دمي، وأنا إنسان كلمكم بالحق الذي سمعه من الله، هذا لم يعمله إبراهيم، وأنتم تعملون أعمال أبيكم. فقالوا له: إننا لم نولد من سفاح، لنا أب واحد هو الله. قال: لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني؛ لأنني خرجت من قبل الله، وأتيت إليكم، إنني لم آت من نفسي بل هو أرسلني ... أنتم من أب واحد هو إبليس ...»
فأجابه اليهود: «لحسن تقول إنك سامري بك شيطان. وبعد أن قال لهم «إن من يحفظ كلامي لن يرى الموت»، عادوا يقولون: الآن تبين لنا أن بك شيطانا، قد مات إبراهيم، وأنت تقول «إن حفظ أحد كلامي لن يذوق الموت»، من تجعل نفسك؟ ألعلك أعظم من أبينا إبراهيم الذي مات؟!»
والعبرة من هذه القصة أن السيد المسيح مضى في دعوته زمنا، ولم يذكر لتلاميذه أنه هو المسيح الموعود، وأنه كان يعلم ممن يطلبون التتلمذ عليه أنهم لا يدركون ما يقول، ولا يفرقون بين لغة الحس، ولغة الروح، أو لغة المجاز، وأنه أشفق يوما أن ينفض عنه تلاميذه المختارون كما انفض هؤلاء الذين أرادوا أن يحسبوا أنفسهم من التلاميذ، وزعموا أنهم مثله، فأنكر عليهم دعواهم، وقال لهم: إنما بنوة الله بالأعمال، وإنما أنتم بأعمالكم أبناء إبليس!
Bog aan la aqoon