Nolosha Masiixa: Taariikhda iyo Daahfurka Casriga ah
حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث
Noocyada
من ذا يقول: إن عناء التعليم باطل إذا رأى الطفل يحمل الكتاب وهو في الخامسة، ورآه يحمله وهو في العاشرة، ورآه يحمله وهو في العشرين، ثم في الثلاثين، ثم رآه مدى الحياة لا يستغني عن علم، ولا يقضي على الجهل كل القضاء؟!
من ذا يقول: إن عناء الطب باطل إذا رأى الناس يمرضون بعد علمهم بالجراثيم، وبعد افتنانهم في الطبابة، ومواقع الدواء، وموانع الشفاء؟!
من ذا يقول: إن الغاية عبث؛ لأن الطريق إليها طويل، أو لأنها غاية تتلوها غاية بلا انقطاع ولا اكتفاء؟!
لا نقول هذا في محسوساتنا التي نلمحها ونلمسها، فهل نقوله في غاية كحرية الضمير هي سر الأسرار في حياة الإنسان منذ كان وأنى يكون؟
ليست العبرة أن الشر واقع، ولكن العبرة كيف ننظر إليه، وكيف نوقعه، أو كيف نتقيه.
وإذا وقع اثنان في الشر، فليس الذي وقع فيه وهو مستريح إليه مستزيد منه، كالذي وقع فيه وهو مضطر إليه نادم عليه، وليس الذي وقع فيه وهو يعلمه كالذي وقع فيه وهو يجهله، أو يقف منه موقف المغالطة بين العلم والجهل، وبين القصد والاضطرار.
إنما الإنسان غير الحيوان البهيم؛ لأنه صاحب ضمير، وإنما يقاس ضمير الإنسان بالقيم التي يقومها، والمثل العليا التي يتمثلها، والمطالب التي يطلبها وينالها أو لا ينالها، وما دام المصلحون والرسل يعلمون الإنسان قيمة يعليها ويرفعون أمامه مثلا أعلى يتسامى إليه، فهم عاملون، وعملهم لازم، ونتيجته محققة، وإن دام الشر ولم ينقص عدد الذنوب والجرائم بأرقام الإحصاء.
وإذا قلنا يوما إن الإنسان في هذا العصر يطلب الخير ولا يدركه، فقد قلنا على اليقين إنه أفضل من الإنسان الذي كان لا يطلبه ولا يعرفه، وإن عمله غير مطلوب، وغير معروف، كما يعمل الحيوان البهيم.
إنما تقاس الأديان بما تودعه النفوس من القيم والحوافز، وبما تزيده من نصيب الإنسان في حرية الضمير، أو في حرية التمييز بين الحسن والقبيح، وقد عملت الأديان كثيرا، ولا تزال قادرة على العمل الكثير، ولكنها لن تغني الإنسان يوما عن جهاد الضمير.
كان جهلاء الناس فيما غبر ينتظرون ألف سنة يعم فيها الخير، وينقطع فيها الشر، ويمتنع الشقاء، ولا يرى في العالم يومئذ غير سعداء أبناء سعداء.
Bog aan la aqoon