ومما لا شبهة فيه أن للتربية الصالحة أهمية كبرى في تكوين الطفل ، وتنمية مداركه ، كما أن سلوك الوالدين لهما الأثر الفعال في نمو ذكائه ، وفي سلوكه العام ، وطفولة الامام الحسن (ع) قد التقت بها جميع هذه العناصر الحية ، فالرسول (ص) تولى تربية سبطه ، وافاض عليه بمكرمات نفسه ، والامام أمير المؤمنين (ع) غذاه بحكمه ومثله ، والعذراء القديسة أفضل بنات حواء قد غرست في نفس وليدها الفضيلة والكمال ، وبذلك سمت طفولته فكانت مثالا للتكامل الانساني ، وعنوانا للسمو والتهذيب ، ورمزا للذكاء والعبقرية.
لقد ذهب بعض علماء النفس إلى أن الطفل في اصغر ما يلزمه من العادات ، وفي أهم الخصائص العقلية ، والخلقية ، وفي الموقف العام الذي يقفه من الناس ، وفي وجهة النظر العامة التي ينظر بها إلى الحياة أو العمل في كل هذه الأشياء مقلد إلى حد كبير ، وقد يكون التقليد أحيانا شعوريا مقصودا ، ولكنه في أغلب الحالات يكون لا شعوريا ، فاذا منح الطفل بتقليده الأشخاص المهذبين ظل متأثرا باخلاقهم وعواطفهم ، وإن هذا التأثير في أول الأمر يعتبر تقليدا ، ولكنه سرعان ما يصبح عادة ، والعادة طبيعة ثانية ، والتقليد هو أحد الطريقين اللذين تكتسب بهما الخصائص الفردية ، وتتكون بهما الأخلاق الشخصية (1).
إن الامام الحسن (ع) على ضوء هذا الرأي ، هو الفرد الاول في خصائصه العقلية ، والخلقية لأنه نشأ في بيت الوحي ، وتربى في مدرسة التوحيد ، وشاهد جده الرسول (ص) الذي هو اكمل انسان ضمه هذا الوجود ، يقيم في كل فترة من الزمن صروحا للعدل ، ويشيد دعائم الفضيلة والكمال ، قد وسع الناس باخلاقه ، وجمعهم على كلمة التوحيد وتوحيد
Bogga 59