بسم الله الرحمن الرحيم ألعزة لله قول للحسن بن الحسن بن الهيثم في هيئة العالم
قال لم يزل كثير من أصحاب التعليم ممن أنعم النظر في علم الهيئة وأدرك حقائق الصور الموجودة لجملة العالم ولجل أجزائه يجردون قولا مرسلا يشرحون فيه بالجليل من القول كيفية شكل العالم وكل واحد من أجزائه الأول وأحوال جميع الأجرام السماوية وترتيب بعضها عند بعض وأبعاد بعضها من بعض ومقادير أجرامها واختلاف أوضاعها وأنواع حركاتها إلا أنهم سلكوا في ذلك طريقا مطابقا في الظاهر للدقيق من النظر في علم الهيئة و منتزعا من تلك الأقاويل. ولأن تلك الأقاويل أعني الدالة على صور الشكل وقوانين الحركات بالأرصاد المحققة والبراهين المصححة إنما هي مبنية على حركات نقط متوهمة على محيطات دوائر معقولة على ما يتبين في الموجود لنا من كتبهم ومفروضة كذلك المسلوكة في وجوده ليسهل لا غير عكر مجسمة هي المتحركة بتلك النقط تلك الحركات صار قولهم فيما شرحوه مقصورا على تلك الدوائر والنقط فقط إذ لم يجعلوا قصدهم ايضاح الطريق الذي به. يمكن أن تتم تلك الحركات المختلفة مع فرضها في سطوح أكر مجسمة ولا كيفية حال الأكر الحاملة لها مع اختلاف مراكزها بل جعلوا أغراضهم التقاط ما ذكر منها بالتفصيل من الأصوال وايرادها جملا مجردة من البراهين والطوق المسلوكة في وجوده ليسهل لا غير على من هم أن يستفيد معرفة هيآت تلك الحركات متسلما لا باحئا و مقلدا لأهل الصناعة لا مستبصرا فهم ما أوردوه من ذلك وتخيل ما حدوه ورسموه.
Bogga 5
و ليست أقاويلهم مع هذه الحال في غاية الظهور في كل المواضع ولا مستوفية أيضا لجميع ما تقتضيه المعاني بل مقنعة في بعض المواضع متسمحة في البعض. وليس قصدنا في جميع هذا القول طريق الطعن والتبكيت إذ كان ممكنا أن يكون أصحاب هذه الأقاويل وإن عدلوا عن المعانى التى أهملوها متصورين لها قيمين بها لكن متحرين صفة الحال وممهدين بذلك طريقا للقول على هذه المعاني مع سبقهم إلى الكلام عليها ومبينين تغاير الأقوال فيها من بعض الجهات وإن توافقت من بعض.
فنحن قائلون في هيئة العالم قولا يشتمل فيما نظن على كليات المعانى التى إليها انتهى ادراك الباحثين عن حقائق العلوم التعليمية ومعتمدون بالقصد اقتصاص العلوم التي بينها بنهاية الاستقصاء بطلميوس الفاضل في كتابه في التعليم لكن نفرض للحركات الدوائر والنقط المتوهمة التى أخذها مجردة في سطوح الأكر المتحركة بذواتها تلك الحركات إذ كان ذلك أصدق من صفة الحال وأظهر بيانا عند الأفهام. وكان غرضنا نقل ما فهمناه من هذه العلوم إلى أفهام من يريد الوصول بغير بحث إلى ادراكهاز وكان هو قاصدا فيما استعمله البراهين ومستعنيا فيها بتلك الدوائر والنقط فقط.
ولما كان قولنا بحسب ما بينه ورتبه وكان معرضا عن استعمال شيء من الأجسام نظرنا لكل واحدة من الحركات التى ذكرها في الوجه الذي به يحتمل أن تظهر تلك الحركة عن تحرك جسم كري حركة بسيطة متصلة دائمة. ويمكن مع ذلك اجتماع جميع تلك الأجسام الفروضة لكل واحدة من الحركات معا من غير أن يعرض هناك تمانع ولا مدافعة ولا تعويق بل تكون حركاتها مع اجتماعها دائمة متصلة. فنفرض لكل حركة نذكرها بسيطة جسما كريا متحركا حول مركزه حركة متصلة ليكون ذلك أشبه بالأمر الدائم البعيد عن التغيير السليم من الآفات ثم نلخص القول في جميع ما هو موجود للأجرام السماوية وما يعرض لها من التنقل واختلاف الأوضاع.
Bogga 6
وقولنا في كل الحركات إنما هو بحسب رأي بطلميوس فيها واعتقاده وجميع ما نورده إنما هو جمل يفهم منها صورة كلية الشكل والوضع والحركة لا جزؤيات هذه بل يحتمل متى قرن بها جزؤياتها أن تكون مطابقة لها. واجتهادنا في ذلك بقدر الطاقة والامكان.
Bogga 7
القول على جملة العالم
العالم اسم موضوع يقال على جملة جميع الموجودات. وشكل العالم بكليته شكل كرة. والكرة شكل مجسم يحيط به سطح واحد في وسطه نقطة كل الخطوط الخارجة منها إلى السطح المحيط به متساوية وتلك النقطة هي مركز الكرة. والعالم جسم مصمت شكله شكل كرة يحيط به سطح واحد في وسطه نقطة كل الخطوط الخارجة منها الى السطح المحيط متساوية وتلك النقطة تسمى مركز العالم. وأريد بقولي مصمت أنه ليس فيه مكان خال بل جميعه ملاء.
والأجسام التي تملأ العالم مختلفة الأنواع إلا أنها تنقسم بالجملة إلى ثلاثة أقسام: إلى ثقيل وخفيف وما ليس بثقيل ولا خفيف. فأما الثقيل فهو الذي يتحرل من جميع نواحي العالم إلى المركز. وأما الخفيف فهو الذي يتحرك من الوسط الى جميع نواحي المحيط. وأما الذي ليسن بثقيل ولا خفيف فهو الذي يتحرك أبدا حول المركز.
وأما الجزء الثقيل من العالم فإن مكانه المختص به هو وسط العالم فلذلك صارت حركته من جميع نواحي العالم إلى المركز ليستقر في مكانه الذي هو له بالطبع. وهذا الجزء الثقيل ينقسم قسمين هما الأرض والماء. أما الأرض فإنها بجميع أجزائها وما يتصل بها من الحيوان والنبات ثقيلة بالطبع ومكانها الخاص بها هو وسط العالم الذي هو أقرب الأماكن من المركز. وكل جزء منها إن رفع من مكانه إلى مكان هو أبعد منه من المركز ثم خلي عنه فإنه يتحرك بما له من القوة الطبيعية إلى ناحية المركز ولا يزال كذلك [إلا] أن يعوقه عائق يحول بينه وبين المركز فحينئذ يقف حيث لا يجد طريقا إلى الحركة. فلو رفع المانع الذي تحته لتحرك إلى الموضوع الأخفض ولو أمكن فعل ذلك دائما لما زال متحركا حتى ينتهى إلى حيث يكون مركز العالم في وسطه وكذلك كل جزء من الماء.
Bogga 8
وشكل الأرض بكليتها وجميع أجزائها شبيه بشكل الكرة لكن سطحه ليس بصحيح الاستدارة بل فيه تضاريس تعرض فيه من تأثيرات حركات الأجرام السماوية إلا أن ذلك ليس بمبطل لكريتها ولا بمخرج عن شكلها بل هي بالاضافة إلى جملتها كالشخونة العارضة في سطح بعض الأكر الصغار. فالأرض بجملتها كرة مستديرة مركزها مركز العالم وهي مستقرة في وسطه ثابتة فيه غير منتقلة إلى جهة من الجهات ولا متحركة بضرب من ضروب الحركات بل هي دائمة السكون.
فأما الماء فإنه محيط بكرة الأرض إلا أنه لما كان ثقيلا وكانت حركاته إلى المركز وكانت كرة الأرض خارجة بينه وبين المركز صار في أقرب الأماكن من المركز فأحاط بكرة الأرض. ولما كانت الأرض متشعثة الظاهر وكانت فيها مواضع منخفضة ومواضع مرتفعة وكان الماء من أجل ثقله يطلب المركز وما قرب من المركز صار منحدرا بالطبع إلى المواضع المنخفضة فبقيت المواضع المرتفعة منكشفة كالجزائر التي تكون في وسط البحر والماء يحيط بها. وكل ما على الأرض من العمارات فهي في هذه الجزائر التي تكون خارجة عن الماء. وسطح الماء الظاهر سطح قطعة من كرة صحيحة الاستدارة متساوية الأجزاء مركزه مركز العالم والخطوط الخارجة من مركز العالم الى جميع النقط التي على سطح كرة الماء متساوية وكذلك كل جزء من الماء وإن كان منفردا كالغدرنات والمستنقعات. فهذا جملة القول على القسمين الثقيلين.
Bogga 9
فأما الجزء الخفيف من العالم فإن مكانه الخاص به هو فيما بين الجزء الثقيل والجزء الذي ليس بثقيل ولا خفيف. ولذلك صار ما ينحصر منه في تضاعيف الجزء الثقيل يتحرك صاعدا أبدا إذا ارتفعت العوائق إلى أن يلحق بهذا المكان أعني الذي فيما الجزئين الباقين, وما هو ألطف منه مترتب على ما هو أكثف منه. وهذا الجزء أعني الخفيف ينقسم بقسمين هما الهواء والنار. أما الهواء فهو محيط بكرة الماء وشكله شكل كري سطحه الداخل الذي يلي كرة الماء سطح مقعر تقعيرا كريا لان سطح الماء يحده إلا أن المواضع المرتفعة من الأرض تشعثه كتشعث سطح كرة الأرض لكن ذلك غير مؤئر في كريته لصعر قدر ذلك عند جملته. فأما سطحه الأعلى فسطح محدب يلي كرة النار.
فهذا الجسم أعني الهواء مختلف الأجزاء يعرض فيه من عوارض الكون والفساد وبعض أجزائه كثيف وبعضها سخيف. أما الكثافة التي فيه فللبخارات الغليظة التي تعرض من سخونة الأجسام الرطبة وحركته صاعدة كالرياح العاصفة والسحاب المؤتلف من البخار الرطب أو البرودة العارضة في الأهوية الرطبة وتجميدها أياها كالثلوج الحادثة وبالجملة فلأنواع الاستحالات المتعاقبة. والذي يلي الأرض من الهواء أكثر سخونة مما بعد عنها لانعكاس شعاعات الشمس الواقعة على الجسم الكثيف ثم يزال الهواء يتزايد في البرد كلما بعد عن الأرض حتى يقرب من كرة النار ثم يعود ساخنا للطافته وقربه من شبه النار وكلما قرب من النار اشتد تشبهه بها إلى أن يصير الى جرم النار لا تخالطه شيء من الهواء.
فأما النار فإنها محيطة بكرة الهواء وشكلها شكل كري سطحها الداخل سطح مقعر تقعيرا كريا محيطا بكرة الهواء. فأما سطحها الخارج فسطح كري محدب صحيح الاستداوة يحده الجسم المحيط به المتحرك عليه. فهذا جملة القول على الجسمين الخفيفين.
فأما الجزء الذي ليس بثقيل ولا خفيف فإنه محيط بالجزئين الباقيين ومتحرك حولهما حركة دائمة وهذا الجزء هو الذي يسمى الفلك وهو الذي يشتمل على جميع الكواكب. وشكله بكليته شكل كري يحيط به ويحده سطحان كريان مركزهما مركز العالم أحدهما وهو الداخل سطح مقعر صحيح الاستدارة مماس لكرة النار مركزه مركز العالم والآخر وهو الخارج سطح محدب كري صحيح الاستدارة متاشبه الأجزاء مركزه مركز العالم وهو محيط بجميع الموجودات. وهذا الجسم بجملته متحرك حركة سريعة من الجهة التى تسمى المشرق إلى الجهة التى تسمى المغرب ويحرك بحركته جميع ما يشتمل عليه من الأجرام السماوية حركة مستديرة. و هذا الجسم ينقسم أقساما وسنبين كل واحد من ذلك في موضعه, فهذا القول المجمل على جميع العالم وسنأتى على تفهصيله إن شأء الله تعالى.
Bogga 10
القول على الفلك
ألفلك اسم موضوع يقال على كل مقدار مستدير من جسم كري أو سطح كري أو سطح دائرة أو محيط دائرة فالجزء المحيط بالعالم المتحرك حول المركز يسمي يسمى بجملته فلكا. وهذا الفلك ينقسم أقساما كثيرة إلا أنه ينقسم إلى تسعة أقسام هي أجسام كرية متماسة يحيط أحدها بالذي يليه ويماس السطح المقعر من المحيط السطح المحدب من المحاط به وهذه الأكر كلها مركزها مركز العالم.
وكل واحد من هذه يسمي على انفراده فلكا. فالأول منها فلك القمر ويليه فلك عطارد ويلي ذلك فلك الزهرة ثم يليه فلك الشمس ثم فلك المريخ ثم فلك المشترى ثم فلك زحل ثم فلك الكواكب الثابتة ثم الفلك المحيط الأعظم المحرك لجميع هذه الأفلاك. ولهذه الأفلاك حركات مختلفة إلا أنها تنقسم بالجملة إلى حركتين متضادتين أحديهما من المشرق إلى المغرب والأخرى من المغرب إلى المشرق.
أما الفلك الأعظم المحيط بجميع الأفلاك فإنه يتحرك من المشرق إلى المغرب حركة سريعة على قطبين ثابتين ويدور في كل يوم وليله دورة واحدة ويتحرك بحركته جميع ما يحيط به من الأفلاك. والقطبان الثابتان يقال لأحدهما القطب الشمالي لأنه يلي الجهة التي تسمي الشمال وهذه الجهة هي الجهة العامرة من الأرض وهذا القطب هو القطب الظاهر عند أهل المساكن الشمالية. وأما القطب الآخر فيقال له القطب الجنوبي لأنه يلي الجهة التي تسمي الجنوب وهذا القطب خفي عند أهل المساكن الشمالية.
Bogga 11
وأما باقى الأفلاك فإن منها ما يتحرك من المغرب إلى المشرق ومنها ما يتحرك بخلاف ذلك أيضا ولكل واحد منها حركة بالجملة من المغرب إلى المشرق أو من الشرق إلى المغرب إلا أنها على أقطاب مختلفة لكل واحد منها قطبان يخصانها. وكل واحدة من هذه الأكر تنقسم بأكر مختلفة لكل واحدة منها حركة تخصها سنذكر كل واحدة منها في موضوعها إن شاء الله.
وكل كرة تتحرك على قطبين فإن النقط التي عليها ترسم دوائر في سطح الكرة قد بين ذلك المهندسون في كتبهم. وكل سطح يقطع أكرا متامستا فإنه يرسم في كل واحدة منها دائرة قد تبين ذلك أيضا. فإذ تحركت هذه الأكر على أقطابها رسم كل كوكب فيها بنقطة مركزه دائرة متوهمة في الكرة وإذا توهمنا سطح تلك الدائرة قاطعا للعالم فإنه يحدث في سطح الفلك الأعلى أيضا دائرة وكذلك إذا توهمنا سطحا يمر بمركز الكوكب وبمركز العالم ويقطع العالم فإنه أيضا يحدث في سطح الفلك الأعلى دائرة عظيمة مركزها مركز العالم. ففي سطح الفلك الأعلى دوائر كثيرة متوهمة تحدث من هذين الجنسين لكل واحدة منها صورة خاصة.
فالفلك الأعظم إذا تحرك الحركة السريعة فإن النقط التى عليه كلها ترسم كما قدمنا دوائر في سطح الفلك الأعظم وهذه الدوائر كلها متوازية قطباها قطبا العالم وهي مختلفة المقادير وكلما قرب منها من القطبين كان أصغر وكلما بعد عن القطبين كان أعظم. وأعظم هذه الدوائر هي التي تمر بمركز العالم وبعدها من القطبين بعد واحد وهي تفصل العالم بنصفين لأنها تمر بمركزه. وهذه الدائرة تسمي دائرة معدل النهار لأن الشمس إذا انتهت إليها اعتدل الليل والنهار في جميع العالم وقطبا هذه الدائرة هما قطبا العالم اللذين سميناهما الشمالي والجنوبي. والذي نسميه قطب الدائرة هي النقطة التي تكون كل الخطوط الخارجة منها إلى محيط تلك الدائرة متساوية وباقى الدوائر المتوازية تسمي دوائر الأزمان.
وهذه الدوائر وكل الدوائر التي في الفلك تقسم بثلاثمئة وستين أجزاء متساوية قسمة متوهمة وكل جزء منها يسمي درخة. فالدوائر الزمانية تسمي هذه الأجزاء منها أجزاء الزمان. وتقسم أيضا هذه الدوائر بأربعة وعشرين قسما كل قسم منها هو خمسة عشر درجة يسمي ساعة فتكون الدائرة كلها أربعة وعشرين ساعة.
Bogga 12
فإذا دار الفلك الأعظم فحرك جميع الكواكب تحرك كل كوكب منها على دائرة من هذه الدوائر فكلما قطعت نقطة من الفلك خمسة عشر درجة قيل قد مضت ساعة واحدة فإذا قطعت جميع الدائرة يكون الماضي من الزمان أربع وعشرون ساعة. وهي تقطع الدائرة بدورة واحدة يدورها الفلك الأعظم وبدورة هذا الفلك التامة يكون اليوم والليلة فلذلك صار اليوم والليلة أربع وعشرون ساعة.
ونتوهم أيضا دائرة عظيمة تمر بمركز العالم وبالقطبين فتقطع دائرة معدل النهار بنصفين وتقطع العالم بأسره وتقطع كرة الأرض . وتقطع أيضا دائرة معدل النهار كرة الأرض بنصفين فيقسم الأرض بهاتين الدائرتين بأربعة أقسام متساوية قسمان منها مما يلي الشمال وقسمان منها مما يلي الجنوب. وأحد القسمين الشمالين هو الربع الغاص من الأرض. والدائرة التى تحدث في سطح الأرض من فصل معدل النهار تسمي خط الاستواء والنصف من هذه الدائرة الذي يحد المعمورة من الأرض هو طول العمارة وهو مائة وثمانون جزءا من أجزاء الدائرة. وفي وسط هذا الطول على خط الاستواء موضع يسمي وسط الأرض ويسمي القبة.
والدائرة الأخرى المارة على القطبين الفاصلة للأرض تسمي أفقا لوسط الأرض وتسمي أفقا لخط الاستواء. وهذه الدائرة تفصل العالم بنصفين فيكون أحد النصفين ظاهرا عند من يكون في وسط الأرض والنصف الآخر خفيا عنده. وكل دائرة عظيمة تقسم العالم بنصفين وتحد بين ما تظهر وما لا تظهر تسمي أفقا والموضع الذي في وسط الأرض هو كالقطب للدائرة التي تمر بالقطبين وتحد العمارة. والخط الخارج من مركز الأرض إلى ذلك القطب إذا خرج على استقامة حتى ينتهي إلى الفلك الأعلى فإن النقطة التي ينتهى إليها من سطح الفلك الأعلى تسمي سمت الرأس لأنها تسامت رؤوس الذين يكونون في وسط الأرض وتلك النقطة هي قطب بالحقيقة للدائرة العظيمة التي هي أفق لوسط الأرض. وكل نقطة من الأرض فإن النقطة المسامتة لها من الفلك الأعلى تسمي سمت الرأس لذلك الموضع من الأرض. والدائرة العظيمة التي تلك النقطة قطب لها هى دائرة الأفق لذلك الموضع من الأرض.
Bogga 13
ولكل نقطة من الأرض أفق يفصل العالم بنصفين. فأما آفاق النقط التي على خط الاستواء فيكون قطبا العالم على محيطها وتكون دائرة معدل النهار قائمة على كل واحد منها قياما معتدلا. وأما باقي الآفاق فيكون أحد القطبين فيها ظاهرا والآخر خفيا وتكون دائرة معدل النهار مائلة عليها أما آفاق المساكن الشمالية فيكون معدل النهار مائلا عليها إلى ما يلي الجنوب ويكون القطب الشمالي فيها ظاهرا فوق الأرض وأما الآفاق الجنوبية فيكون معدل النهار مائلا عليها إلى ما يلي الشمال فيكون القطب الجنوبي فيها ظاهرا فوق الأرض.
والدائرة العظيمة التي نتوهم مارة بقطبي العالم وبنقطة سمت الرأس في أي الآفاق كانت تسمي دائرة نصف النهار لذلك الأفق لأن الشمس إذا انتهت إليها بالحركة السريعة اليومية انتصف النهار في ذلك الموضع وكذلك إذا انتهت إليها من النصف الذي تحت الأفق انتصف الليل. وهذه الدائرة تقسم الأفق بنصفين فتحدث من تقاطعها نقطتان أحديهما مما يلي الشمال وتسمي النقطة الشمالية والأخرى مما يلي الجنوب وتسمي النقطة الجنوبية. وكذلك دائرة معدل النهار تقسم الأفق بنصفين فتحدث نقطتين آخرتين تسمي أحديهما نقطة المشرق والأخرى نقطة المغرب.
ففى كل أفق من الآفاق أربع نقط هى الشمال والجنوب والشرق والمغرب والخط المستقيم الذي يصل بين نقطتي المشرق والمغرب يقال له خط المشرق والمغرب. والخط المستقيم الذي يصل بين نقطتي الشمال والجنوب يقال له خط الشمال والجنوب وهذا الخط هو الذي يسمي يسمى أيضا خط نصف النهار وهو الذي يستخرج في سطوح الرخامات وهو الفصل المشترك بين دائرة نصف النهار وبين سطح دائرة الأفق.
ونتوهم أيضا دائرة عظيمة تمر بسمت الرأس وهو قطب الأفق وبمركز العالم تكون قائما على الأفق على زويا قائمة وتقطع محيط الأفق على نقطتين وتقطع سطح الأفق على خط مستقيم يصل بين تينك النقطين وتمر بمركز العالم وهذه الدائرة تسمي تسمى الدائرة السمتية . وكذلك كل الدوائر التي على هذه الصفة
Bogga 14
تسمي الدوائر السمتية وتانك النقطتان تسمي كل واحدة منها نقطة السمت ويسمي الخط المستقيم خط السمت. وتسمي القوس من الأفق التي بين نقطة الشمال والجنوب وبين النقطة السمتية قوس السمت وربما تسمي أيصا القوس التى بين نقطة الشرق أو المعرب وبين النقطة السمتية سمتا.
Bogga 15
القول على الأطوال والعروض
عرض المدينة هو قوس من دائرة نصف النهار فيما بين سمت الرأس وبين دائرة معدل النهار. وتسامتها على سطح الأرض قوس من دائرة عظيمة محيطة بكرة الأرض مركزها مركز الأرض فيما بين أي نقطة فرضت في تلك المدينة وبين خط الاستواء الذي يحده سطح معدل النهار. وفي سطح هذه الدائرة يكون خط نصف النهار المستخرج في سطح أفق تلك المدينة وهذه القوس هى بعد المدينة من خط الاستواء.
فأما طول المدينة فهو قوس من دائرة معدل النهار فيما بين دائرة نصف نهار تلك المدينة وبين آخر العمارة أما من جهة المشرق وأما من جهة المغرب وهذه الدائرة هي قطعة من نصف دائرة معدل النهار الذي ذكرنا أنه يحد العمارة. وطرفا العمارة هما نقطتا تقاطع هذا النصف لدائرة الأفق أعني أفق وسط الأرض.
وتتوهم دوائر موازية لمعدل النهار من الدوائر الزمانية تقطع العالم وتقطع آفاق المساكن كل دائرة منها تقطع كل افق على نقطتين ويقطعها الأفق بقسمين أما أفاق خط الاستواء فإنها تقطع هذه الدوائر كلها بنصفين لأن هذه الآفاق تمر بقطبي هذه الدوائر. فأما باقي الآفاق فإنها تقسم دائرة معدل النهار فقط بنصفين وتقسم هذه الدوائر بأقسام مختلفة تكون الأقسام التى فوق الأفق غير مساوية للأقسام التى تحت الأفق وكلما بعد عن معدل النهار إلى جهة القطب الظاهر كان القسم الذي فوق الأرض أعظم من الشبيه بما قرب من معدل النهار وكلما بعد عن معدل النهار إلى جهة القطب الخفي كان القسم الذي فوق الأفق أصغر من الشبيه بما قرب من معدل النهار.
Bogga 16
وباختلاف هذه القطع يختلف الليل واليوم في الآفاق المائلة وهذه القسي هي التي تسمي قسي النهار وكل كوكب من الكواكب يتحرك على دائرة من هذه الدوائر فالقوس الأعلى من هذه الدوائر تسمي قوس النهار لذلك الكوكب والقوس السفلى منها تسمي قوس الليل. فإذا تحرك الشمس على دائرة من هذه الدوائر كانت أجزاء القوس العليا من هذه الدائرة هى أجزاء ساعات النهار وأجزاء القوس السفلى هي أجزاء ساعات الليل. ولما كانت هذه القسى كلما بعدت عن معدل النهار إلى جهة القطب الظاهر كان ما يظهر منها أكثر شبها مما قرب وأعني بأكثر شبها هو الذي أجزاؤه المقسومة بها الدائرة بثلاثمئة وستين جزء أكثر عددا وجب أن تكون أجزاء ما بعد من هذه القسي أكثر عددا ولذلك لما كانت أجزاء ما بعد من هذه القسي من معدل النهار أكثر عددا كانت الشمس إذا تحركت على هذه الدوائر التى هي أبعد كان مكثها فوق الأرض أكثر وكانت أجزاء ساعات النهار أكثر.
وآخر دائرة تتحرك عليها الشمس من هذه الدوائر مما يلي القطب الشمالي تسمي تسمى مدار السرطان وأطول ما يكون النهار في الآفاق الشمالية إذا تحركت الشمس على هذه الدائرة . ويلزم عكس ذلك في جميع الدوائر التي تلي القطب الجنوبي أعني أن القوس التي فوق الأفق كلما بعد منها من معدل النهار كان أقل شبها مما قرب وكذلك كلما بعدت الشمس في جهة الجنوب كان النهار أقصر وآخر دائرة تتحرك عليها الشمس من هذه الدوائر تسمي تسمى مدار الجدي.
وأما آفاق خط الاستواء فليس يعرض فيها شيء من ذلك بل قوس النهار لجميع الكواكب مثل قوس الليل لأن الآفاق تقسم جميع الدوائر المتوازية لمعدل النهار بنصفين فتكون القوس التى فوق الأفق مساوية للقوس التى تحت الأفق ولذلك يستوي الليل ولنهار أبدا في هذه المواضع لأن مكث الشمس فوق الأفق يكون مساويا لمكثها تحت الأفق.
Bogga 17
وكل دائرة من الدوائر المتوازية التى تقطع الآفاق فهي تقطعها على نقطتين أحديهما مما يلي المشرق والأخرى مما يلي المغرب. فكل كوكب يتحرك على تلك الدائرة فهو يطلع من النقطة الشرقية ويغرب من النقطة الغربية المقابلة لها وكذلك كل نقطة على سطح الفلك الأعلى تطلع من نقطة من هذه النقط وتغرب من النقطة الغربية القابلة لها. والقوس من الأفق التي بين النقطة الشرقية وبين نقطة المشرق من معدل النهار تسمي سعة المشرق لذلك الكوكب أو لتلك النقطة التى تطلع من النقطة الشرقية من الأفق. والقوس من الأفق التي فيما بين النقطة الغربية وبين نقطة المغرب من معدل النهار تسمي تسمى سعة المغرب.
فقد ذكرنا أن الدوائر المتوازية كلما قربت من القطب الظاهر عظمت القوس التى فوق الأفق ولا يزال كذلك إلى أن ينتهي الى دائرة تماس الأفق على نقطة واحدة فيكون جميع الدائرة ظاهرا فوق الأفق. فكل كوكب يتحرك على هذه الدائرة يكون دائم الظهور ويلزم عكس ذلك مما يلي القطب الخفي حتى ينتهي الى دائرة تماس الأفق على نقطة واحدة فيكون جميعها تحت الأفق فيكون الكوكب الذي يتحرك عليها أبدا خفيا.
وما جاوز هاتين الدائرتين أما ما يلي القطب الظاهر فيكون جميعها ظاهرا وتكون مرتفعة عن الأفق وأما ما يلي القطب الخفي فيكون جميعها خفيا وتكون منخفضة عن الأفق.
وجميع العمور من الأرض على ما ذكر فيما بين دائرتين متوازيتين أحديهما دائرة معدل النهار وتمر بسمت رؤوس من يكون على خط الاستواء والأخرى الدائرة التي بعدها من معدل النهار ستة وستون جزءأ من الأجزاء التي بها الدائرة ثلاثمئة وستون جزءا. وتمر هذه الدائرة بسمت رؤوس من يكون في آخر العمارة وفي هذا المكان يكون مدار رأس السرطان مماسا للأفق.
Bogga 18
وتقسم هذه القطعة من الأرض بسبعة أقسام تسمي سبعة أقاليم. أما ابتداء الأقليم الأول منها فخط الاستواء والليل والنهار في هذا الموضع أبدا مساويتين ثم لا يزال الليل والنهار يختلفان عند كل من قرب من الشمال كما ذكرنا آنفا حتى ينتهي إلى آخر الأقليم السابع وهو آخر العمارة. وفي هذا المكان أطول ما يكون النهار أربعة وعشررون ساعة وذلك أن مدار السرطان يماس أفقهم على نقطة واحدة فيكون جميعه ظاهرا فوق أفقهم فإذا انتهت الشمس إلى هذه الدائرة كانت في الدورة الكاملة فوق الأفق فلذلك يكون أطول نهارهم أربعة وعشرين ساعة. ثم ترجع الشمس ولا يزال النهار يتناقص والليل يتزايد إلى أن تنتهى إلى أبعد بعدها في الجنوب فإذا صارت إلى مدار الجدي كانت في الدورة الكاملة تحت الأفق لأن مدار الجدي يماس الأفق على نقطة واحدة ويكون جميعه تحت الأفق ولذلك يكون أطول ليلهم أربعة وعشرين ساعة. وعرض هذا المكان وهو القوس من دائرة نصف النهار فيما بين سمت الرأس وبين معدل النهار قريب من ستة وستين جزءا من الأجزاء التى بها الدائرة ثلاثمئة وستون جزءا ويقال إنه ليس فيما يعد هذه الدائرة شيء من العمارة.
وقد تقسم الأقاليم السبعة قسمة غير هذه فمنهم ما يجعل مبدأ العمارة دون خط الاستواء ونهايتها دون عرض ستة وستين ولا يعتد بما عن جنبتى ذلك من العمارة. فأما بطلميوس فإنه يجعل نهاية العمارة في الشمال عرض ثلاثة وستين ويجعل نهايتها في الجنوب متجاوزأ لخط الاستواء إلى عرض ستة عشر وربع وسدس على ما ذكر في كتابه في المعمورة . فأما ما تجاوز عرض ستة وستين من الأرض فإنه كلما قرب
من الشمال ارتفعت دائرة مدار السرطان عن الأفق فصار الأفق مماسا لدائرة أعظم منها. فما دامت الشمس على دائرة من الدوائر المتوازية التي فيما بين الدائرة المماسة ومدار السرطان فإنه يكون النهار في هذا المكان لأن الشس تكون ظاهرة فوق الأرض ومثل ذلك يكون ليلا إذا كانت الشمس مما يلي القطب الجنوبي.
Bogga 19
ولا يزال الليل والنهار يتزايد كلما قرب المكان من القطب الظاهر إلى أن ينتهي إلى المكان المسامت للقطب وهو الذي يكون قطب العالم عنده على سمت الرأس ويكون محور العالم منتصبا فعند ذلك يكون الأفق دائرة معدل النهار. وتكون سنة الشمس في هذا المكان يوما وليلة يكون النهار قريبا من ستة أشهر وذلك ما دامت الشمس في البروج الشمالية لأنها تكون أبدا فوق الأفق ويكون الليل أيصا قريبا من ستة أشهر وذلك ما دامت الشمس في البروج الجنوبية لأنها تكون أبدا تحت الأفق والشمس في هذا المكان تتحرك أبدا حول الأفق ولا ترتفع ارتفاعا كثيرا وأكثر ما تكون ارتفاعا إذا كانت على مدار السرطان.
Bogga 20
القول على فلك البروج
قد قدمنا أن لكل كوكب من الكواكب كرة تخصه وأن لكل كرة منها حركة تخصها وأن كل كوكب منها ترسم نقطة مركزه بحركة كرته دائرة متوهمة في كرته فإذا تحرك فلك الشمس من المغرب إلى المشرق حدثت من حركة مركز الشمس دائرة عظيمة في فلك الشمس.
ونتوهم هذه الدائرة قاطعة للعالم فتحدث في سطح الفلك الأعلى دائرة عظيمة مركزها مركز العالم وهذه الدائرة هي التي تسمي فلك البروج وقطبا هذه الدائرة يسميان قطبا فلك البروج. وهذه الدائرة تقطع دائرة معدل النهار بنصفين على نقطتين متقابلتين تسمي أحديهما نقطة الاعتدال الربيعى وتسمي الأخرى نقطة الاعتدال الخريفي.
ونتوهم أيضا دائرة عظيمة تمر بقطبي معدل النهار وهما قطبا العالم وبقطبي فلك البروج فتقطع دائرة البروج على نقطتين متقابلتين أحديهما مما يلي الشمال والأخرى مما يلي الجنوب أما الشمالية فتسمي فتسمى نقطة الانقلاب الصيفي وأما الجنوبية فتسمي فتسمى نقطة الانقلاب الشتوي.
ونتوهم أيضا دائرة عظيمة تمر بقطبي دائرة البروج وبقطبي الاعتدالين فهاتان الدائرتان تقسمان دائرة البروج بأربعة أقسام متساوية أما الربع الذي بين نقطة الاعتدال الربيعي وبين نقطة الانقلاب الصيفي فهو الذي يحد زمان الربيع وذلك ما دامت الشمس بحركة فلكها الخاص مسامة لهذه القوس وهو الزمان الذي يسمى الربيع.
Bogga 21
وأما الربع الذي بين بقطة الانقلاب الصيفي وبين نقطة الاعتدال الخريفي فهو الذي يحد زمان الصيف وذلك ما دامت الشمس مسامتة بحركتها هذه القوس. وأما الربع الذي بين نقطة الاعتدال الخريفي وبين نقطة الانقلاب الشتوي فهو الذي يحد زمان الخريف وذلك ما دامت الشمس مسامتة له بحركتها. فأما الربع الذي فيما بين نقطة الانقلاب الشتوي وبين نقطة الاعتدال الربيعي فهو الذي يحد زمان الشتآء وذلك ما دامت الشمس تسامته بحركتها وجميع هذه الدائرة تحد زمان السنة الشمسية.
وإذا تحركت الشمس بحركتها الخاصة من مسامتة نقطة من هذه الدائرة فقطعت جميع الدائرة حتى تعود إلى مسامتة تلك النقطة فتلك الحركة هي سنة الشمس الكاملة. وأول السنة الشمسية هو وقت مسامتة الشمس لنقطة الاعتدال الربيعي فإذا تحركت متوجهة إلى الشمال يكون زمان الربيع وكلما قربت من نقطة الانقلاب الصيفي سخن الزمان عند أهل المساكن الشمالية لقرب الشمس من مسامتة رؤوسهم ولما قدمنا من طول مكث الشمس فوق الأفق. فلا يزال كذلك إلى أن تنتهي إلى نقطة الانقلاب الصيفي فقد اشتد الحر لتواتر اسجان الشمس الهواء. ثم لا تزال كذلك توجهة إلى نقطة الاعتدال الخريفي فيعرض فى هذه الربع من سخونة الهواء أكثر مما عرض في الربع الأول لطول تواتر الاسخان حتى تنتهي إلى نقطة الاعتدال الخريفي فعندها يعود الزمان معتدلا.
ثم تتحرك متوجهة إلى الجنوب فيبرد الهواء عند أهل المساكن الشمالية وذلك لبعد الشمس عن مسامتة رؤوسهم فكلما بعدت في الجنوب أزاد برد الهواء إلى أن تنتهي إلى نقطة الانقلاب الشتوي فعندها تشتد البرد لأنها في هذا المكان أبعد ما تكون من الشمال ولتواتر تبريدها بالعرض للهواء. ثم تعود متوجهة إلى نقطة الاعتدال الربيعي فيعرض في هذا الربع أيضا من شدة البرد أكثر مما عرض في الربع الذي قبله لمثل ما ذكرنا في الربع الصيفي من طول تواتر تبريد الهواء. فإذا انتهت إلى النقطة الربيعية فهو آخر سنتها .
Bogga 22
ونتوهم أيضأ دائرتين عظيمتين تخارجان من قطبي دائرة البروج فتقطعان الربع الربيعي من دائرة البروج بثلاثة أقسام متساوية وتقطعان أيضا الربع الخريفي المقابل لهذا الربع بثلاثة أقسام متساوية. ونتوهم أيضا دائرتين آخريين تخرجان من قطبي دائرة البروج وتقطعان الربع الصيفي والربع الشتوي المقابل له كل واحد منهما بثلاثة أقسام متساوية. فيصير جملة الدوائر الخارجة من قطبي دائرة البروج ست دوائر تقسم دائرة البروج بإثنى عشر قسما متساوية وتقسم الفلك الأعلى بإثنى عشر قسما متساوية كل قسم منها يحده نصفا دائرتين من هذه الدوائر الست تسمي هذه الأقسام الإثنى عشر من الفلك الأعلى بروجا وتسمي الاقسام الإثنى عشر من دائرة البروج بروجا. وكل واحد من هذه القسي أعني أقسام دائرة البروج مقسومة بثلاثين قسما متساوية قسمة متوهمة يسمي كل جزء منها درجة فالدائرة بجملتها ثلاثمئة وستون درجة.
ونتوهم هذه الدوائر الست قاطعة للعالم فهي تقسم جميع أفلاك الكواكب بإثنى عشر قسما متساوية شبيهة بأقسام الفلك الأعلى تسمي أيضا بروجا . وتقسم دائرة البروج أفلاك الكواكب أيضا وتحدث في كل واحد منها دائرة موازية للدائرة العظمى تسمي كل واحدة منها الفلك الممثل بفلك البروج. وتنقسم أيضا هذه الدوائر بالدوائر الست بإثنى عشر قسما متساوية تسمي كل قوس منها برجا. وينقسم أيضا فلك الكواكب الثابتة بالدوائر الست بإثنى عشر قسما متساوية تسمي أيضا بروجا.
وفي فلك الكواكب الثابتة كواكب كثيرة متشكلة بأشكال بمختلفة ففى أحد الأقسام الإثنى عشر كواكب من جملة ما يشتمل عليه من الكواكب الثابتة متشكلة بشكل شبيه بصورة الحمل فيسمي هذا البرج من الفلك برج الحمل وتسمي القوس من دائرة البروج التى في وسط هذا القسم أيضا برج الحمل. وهذا البرج من الفلك هو البرج الأول من أقسام الربع الربيعي وهو بالفرض أول دائرة البروج وابتداء هذه القوس هو نقطة الاعتدال الربيعي إذ هي بالفرض أول الدائرة وهي رأس الحمل.
وفي القطعة التي تلي هذه القطعة من الفلك كواكب متشكلة بشكل شبيه بصورة الثور فيسمي هذا البرج برج الثور وتسمي القوس من الدائرة التي فيه أيضا برج الثور. وكذلك جميع البروج في كل واحد منها صورة يسمي البرج باسم تلك الصورة وتسمي القوس من دائرة البروج التي في ذلك البرج باسم ذلك البرج.
Bogga 23
والبرج الثالث التؤمان والرابع السرطان وهو أول البروج الصيفية وأوله هو نقطة الانقلاب الصيفي والخامس الأسد والسادس السنبلة والسابع الميزان وهو أول البروج الخريفية وأوله هو نقطة الاعتدال الخريفي والثامن العقرب والتاسع القوس والعاشر الجدي وهو أول البروج الشتوية وأوله هو نقطة الانقلاب الشتوي والحادي عشر الدلو والثانى عشر الحوت وهو آخر البروج وآخره نقطة الاعتدال الربيعي.
وإذا تحركت الشمس بحركتها الخاصة فهى تكون أبدا مسامتة لدائرة البروج فإذا توهمنا خطا مستقيما يخرج من مرجز العالم وينتهي الى مركز الشمس ويخرج على استقامة إلى أن ينتهي إلى الفلك الأعلى فهو ينتهي الى نقطة من دائرة البروج فتلك النقطة هي النقطة التي نقول إن الشمس نازلة فيها في ذلك الوقت من البرج والدرجة التي فيها تلك النقطة.
فأما سائر الكواكب فإن نزولها في سائر البروج كما أصف نتوهم خطا مستقيما يخرج من مركز العالم إلى مركز الكوكب ويخرج على استقامته حتى ينتهى الى سطح الفلك الأعلى فيقع في برج من البروج الإثنى عشر التي ينقسم بها جميع سطح الفلك فنقول إن الكوكب في ذلك الوقت في ذلك البرج.
ثم نتوهم دائرة عظيمة تخرج من قطبا دائرة البروج وتمر بالنقطة التي إليها انتهى ذلك الخط مارة إلى القطب الآخر فهي تقطع القوس من دائرة البروج الت في وسط ذلك البرج فنقول إن الكوكب في تلك الدرجة التي قطعتها تلك الدائرة في ذلك البرج وهذا هو موضع الكوكب في الطول. وكذلك إن انتهي طرف الخط إلى محيط واحدة من الدوائر الست فذلك هو موضع الكوكب والنقطة التي تقطع عليها تلك الدائرة دائرة البروج هي موضعه من دائرة البروج وهي أحد رووس البروج. فأما عرض الكوكب فهو القوس من الدائرة المارة بقطبي دائرة البروج التي فيما بين النقطة الأولى التي هي طرف الخط المار بمركز الكوكب وبين دائرة البروج هكذا موضع جميع الكواكب السيارة والثابتة في الطول والعرض.
Bogga 24