تيوفيل غوتييه الشاعر.
رحيل لويس الثامن عشر (19 مارس 1815).
ترك نابوليون باريس قاصدا إلى شارلروا وآماله بالنصر ضعيفة، ولما وصل إلى شارلروا انطرح على سريره منهوك القوى ولم ينهض للعمل في الصباح إلا نحو الساعة الحادية عشرة، فخسر ساعات ثمينة كفت بلوشر ليتم استعداده ووالنتون لينال النجدة اللازمة.
وقد ذكر كروشي أنه في اليوم التالي أي في 17 كان التعب الشديد باديا على وجه الامبراطور ولم ينكر عليه منتقدوه إبداعه في الخطة التي رسمها في «ليني»، ولكنه لم يمض فيها إلى النهاية، فإنه عندما وقفت رحى المعركة اضطجع في سريره ونام ولم يجرؤ أحد أن يوقظه ليتلقى أوامره، وهكذا مضى اليوم والغد وهو على هذه الحال، حتى قال الجنرال فاندام: إن نجاحنا سيكون عقيما.
ديكوست البلجيكي؛ وهو دليل نابوليون يوم واترلو.
وفي 18 كان المطر قد انقطع تماما وهبت ريح قوية جففت الأرض، فاختار نابوليون مركزه عن يسار الطريق على قمة يشرف منها على الميدان وأتوه بمائدة صغيرة نشر عليها خرائطه ولبث طول المعركة كأنه في خمول يذكرهم بيوم موسكو.
هل كان هذا الخمول أو النعاس أو انحطاط القوى أمرا عارضا، أو هي الأعراض التي كان يشعر بها من زمن طويل؟ هذا لا يزال سرا من الأسرار، وكل من درس المسألة أبدى رأيا، أما نابوليون فكان يقول في جزيرة القديسة هيلانة عن ذلك اليوم المشئوم: إنه انكسار لا يفهم له سببا، ونسبه تياري إلى القضاء والقدر، ومالو إلى تزعزع ثقة الإمبراطور بنفسه، وهنري هوساي إلى انحطاط قواه العقلية، وكلوزفتز إلى مخاطرة الإمبراطور بلا حساب كما يفعل المقامر .
أما شهادة الأطباء فهي أن نابوليون لم يضع وعيه ولم تخنه الذاكرة أبدا، ولكن ألم الجسم أثر في أخلاقه وضعضع حواسه، وعلى رأي كابانيس: إن الإمبراطور في معركة واترلو كان يتألم من البواسير، وهذا الداء قديم يرجع عهده إلى أيام الصبا، كما يظهر من كتاب أرسله سنة 1809 إلى أخيه جيروم، أضف إلى هذا العامل المرضي العامل الجوي للأمطار التي هطلت وجعلت الأرض بحيرة من الوحل لا يمكن الخيل والمركبات أن تتحرك فيها، يتبين لك بعض الأسباب في اندحاره.
وهناك عامل ثالث لا يجب أن نتناساه وهو العامل الأدبي فقد تعبت فرنسا من حرب لا تعرف الغاية منها، وتاقت إلى السلام، فخفت حماسة الفرنسوي وانتقلت إلى أعدائه، يدلك على هذا تصرف كل من القائدين الفرنسوي والبروسي.
هذا يصدق إلهامه؛ لأنه يريد الانتصار، وذاك يتردد ويقف؛ لأنه لم تعد جذوة الحماسة تلهب عواطفه.
Bog aan la aqoon