79

Hawi Li Fatawi

الحاوي للفتاوي

Daabacaha

دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1424 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

صَلَّى بِالنَّاسِ، وَيَرْوِي تَارَةً أُخْرَى أَنَّ سعد بن زرارة صَلَّى بِهِمْ، وَرَوَى تَارَةً بِالْمَدِينَةِ، وَتَارَةً بِبَنِي بَيَاضَةَ، فَلِأَجْلِ اضْطِرَابِهِ وَاخْتِلَافِ رِوَايَتِهِ لَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، قُلْتُ: وَمِنَ اضْطِرَابِهِ أَنَّهُ رَوَى أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعِينَ، وَرَوَى أَنَّهُمْ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ كَمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمِنَ الدَّلِيلِ مَا رَوَى سليمان بن طريف عَنْ مكحول عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «إِذَا اجْتَمَعَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَعَلَيْهِمُ الْجُمُعَةُ»، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ ثُمَّ الرافعي، وَقَالَ الْحَافِظُ ابن حجر فِي تَخْرِيجِهِ: لَا أَصْلَ لَهُ، وَأَوْرَدَ الرافعي وَغَيْرُهُ حَدِيثَ أبي أمامة أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا جُمُعَةَ إِلَّا بِأَرْبَعِينَ»، قَالَ الْحَافِظُ ابن حجر أَيْضًا: وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَقَالَ ابن الرفعة فِي الْكِفَايَةِ: إِنِ انْتَفَتِ الْأَدِلَّةُ الْمَنْصُوصَةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ قُلْنَا: الْأَصْلُ الظُّهْرُ عَامًّا، وَإِنَّمَا يُرَدُّ إِلَى رَكْعَتَيْنِ بِشَرَائِطَ مِنْهَا الْعَدَدُ وَأَصْلُهُ مَشْرُوطٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنِ الشَّارِعِ لَفْظٌ صَرِيحٌ فِي التَّقْدِيرِ، وَفُهِمَ مِنْهُ طَلَبُ تَكْثِيرِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ جُمُعَتَيْنِ فِي بَلَدٍ فَأَكْثَرَ كَمَا فِي غَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَأَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهِ أَرْبَعُونَ فَأَخَذْنَا بِهِ احْتِيَاطًا، ثُمَّ قَالَ: وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْإِمَامَ أحمد اشْتَرَطَ فِي عَقْدِهَا خَمْسِينَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. قُلْتُ: وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ابن الرفعة أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ دَلِيلٌ مِنَ النَّصِّ عَلَى اعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ فَعُدِلَ إِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، وَالْغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَتَبِعَهُمُ الرافعي والنووي. (خَاتِمَةٌ): اعْلَمْ أَنَّ تَرْجِيحَنَا لِهَذَا الْقَوْلِ أَوْلَى مِنْ تَرْجِيحِ الْمُتَأَخِّرِينَ جَوَازَ تَعَدُّدِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ نَصٌّ بِجَوَازِ التَّعَدُّدِ أَصْلًا لَا فِي الْجَدِيدِ وَلَا فِي الْقَدِيمِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُ فِي الْقَدِيمِ سُكُوتٌ فَاسْتَنْبَطُوا مِنْهُ رَأْيًا بِالْجَوَازِ، ثُمَّ زَادُوا فَرَجَّحُوهُ عَلَى نُصُوصِهِ فِي الْكُتُبِ الْجَدِيدَةِ، وَهُوَ نَفْسُهُ قَدْ قَالَ: لَا يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ، فَكَيْفَ يُنْسَبُ إِلَيْهِ قَوْلٌ مِنْ سُكُوتِهِ وَيُرَجَّحُ عَلَى نُصُوصِهِ الْمُصَرِّحَةِ بِخِلَافِهِ، وَأَمَّا الَّذِي نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ نَصُّ لَهُ صَرِيحٌ، وَقَدِ اقْتَضَتِ الْأَدِلَّةُ تَرْجِيحَهُ فَرَجَّحْنَاهُ فَهُوَ فِي الْجُمْلَةِ قَوْلٌ لَهُ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى تَرْجِيحِهِ عَلَى قَوْلِهِ الثَّانِي فَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ تَرَكَ نَصَّهُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَذَهَبَ إِلَى تَرْجِيحِ شَيْءٍ خِلَافَهُ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْبَتَّةَ، ثُمَّ يَصِيرُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أُسْوَةً بِالْمَسَائِلِ الَّتِي صَحَّحَ فِيهَا النووي الْقَوْلَ الْقَدِيمَ كَمَسْأَلَةِ امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ. وَمَسْأَلَةِ تَفْضِيلِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ عَلَى غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَمَسْأَلَةِ صَوْمِ الْوَلِيِّ عَنْ قَرِيبِهِ الْمَيِّتِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.

1 / 82