Hawi Li Fatawi
الحاوي للفتاوي
Daabacaha
دار الفكر
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1424 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
وَحَكَى الْحَنَابِلَةُ ذَلِكَ عَنْ طَاوُوسٍ أَيْضًا، وَشَذَّ شريح فَقَالَ: الْوَلَاءُ كَالْمَالِ يُورَثُ عَنِ الْمُعْتِقِ، فَمَنْ مَلَكَ شَيْئًا حَيَاتَهُ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ، وَحَكَى القاضي حسين وَغَيْرُهُ ذَلِكَ عَنْ طَاوُوسٍ أَيْضًا، وَنَقَلَهُ ابن المنذر عَنِ الزبير - يعني ابن العوام - وَرَوَاهُ حنبل ومحمد بن الحكم عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَغَلَّطَهُمَا أبو بكر وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ - هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ السبكي، فَانْظُرْ كَيْفَ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُورَثُ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ مَذْهَبِ مالك وَأَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يَحْكِ عَنْهُمَا خِلَافًا، وَجَعَلَهُ الْمَشْهُورَ مِنْ مَذْهَبِ أحمد، فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَفْتَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْإِرْثِ كَانَ مُخَالِفًا لِلْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ: الثَّلَاثَةِ بِاتِّفَاقٍ، وأحمد عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ، وَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الْمَاوَرْدِيِّ: فَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ جَعَلَهُ مَوْرُوثًا، يُرِيدُ بِهِ قَوْلَ مَنْ شَذَّ كشريح وَنَحْوِهِ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ أَئِمَّةِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَدْ رَاجَعْتُ سُنَنَ الْبَيْهَقِيِّ، فَوَجَدْتُهُ رَجَّحَ قَوْلَ الْجُمْهُورِ، وَعَقَدَ بَابًا احْتَجَّ لَهُ فِيهِ بِحَدِيثٍ وَآثَارٍ، ثُمَّ عَقَدَ بَابًا ثَانِيًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّ الْوَلَاءَ يُورَثُ، وَرَوَى فِيهِ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَضَعَّفَهُ، ثُمَّ تَأَوَّلَهُ عَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ، وَرَوَى فِيهِ الرِّوَايَةَ الْمَعْزُوَّةَ إِلَى عَلِيٍّ وَخَطَّأَهَا مِنْ حَيْثُ الْإِسْنَادُ، ثُمَّ رَوَى عَنْهُ مُوَافِقَةَ الْجُمْهُورِ، ثُمَّ رَوَى عَنِ الزبير الرِّوَايَةَ الْمَعْزُوَّةَ إِلَيْهِ وَتَأَوَّلَهَا، ثُمَّ رَوَى عَنِ ابن الزبير أَنَّهُ قَضَى بِذَلِكَ، قَالَ عطاء: فَعِيبَ ذَلِكَ عَلَى ابن الزبير، وَقَالَ محمد بن زيد بن المهاجر: لَمَّا قَضَى بِهِ ابن الزبير سَمِعْتُ القاسم بن محمد يَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إِنَّ الْوَلَاءَ لَيْسَ بِمَالٍ مَوْضُوعٍ يَرِثُهُ مَنْ وَرِثَهُ، إِنَّمَا الْمَوْلَى عَصَبَةٌ.
وَهَا أَنَا أَسُوقُ مَا أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَابَيْنِ، ثُمَّ أَرْتَقِي إِلَى جَمِيعِ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ مُسْنَدًا مُخَرَّجًا لِيُسْتَفَادَ. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: بَابُ الْوَلَاءِ لِلْكُبْرِ مِنْ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْهُمْ بِالْمُعْتِقِ إِذَا كَانَ قَدْ مَاتَ الْمُعْتِقُ، ثُمَّ أَخْرَجَ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ العاص بن هشام هَلَكَ وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلَاثَةً، اثْنَانِ لِأُمٍّ وَرَجُلٌ لِعَلَّةٍ، فَهَلَكَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ لِأُمٍّ وَتَرَكَ مَالًا وَمَوَالِيَ، فَوَرِثَهُ أَخُوهُ الَّذِي لِأُمِّهِ وَأَبِيهِ مَالَهُ وَوَلَاءَ مَوَالِيهِ، ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي وَرِثَ الْمَالَ وَوَلَاءَ الْمَوَالِي وَتَرَكَ ابْنَهُ وَأَخَاهُ لِأَبِيهِ، فَقَالَ ابْنُهُ: قَدْ أَحْرَزْتُ مَا كَانَ أَبِي أَحْرَزَ مِنَ الْمَالِ وَوَلَاءِ الْمَوَالِي، وَقَالَ أَخُوهُ: لَيْسَ كَذَلِكَ، إِنَّمَا أَحْرَزْتَ الْمَالَ، فَأَمَّا الْمَوَالِي فَلَا، أَرَأَيْتَ لَوْ هَلَكَ أَخِي الْيَوْمَ أَلَسْتُ أَرِثُهُ أَنَا، فَاخْتَصَمَا إِلَى عثمان فَقَضَى لِأَخِيهِ بِوَلَاءِ الْمَوَالِي، وَأَخْرَجَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عمر وعثمان ﵄ قَالَا: الْوَلَاءُ لِلْكُبْرِ، وَأَخْرَجَ عَنِ النَّخْعِيِّ أَنَّ عليا وعبد الله وزيدا قَالُوا:
1 / 212