Hawi Li Fatawi
الحاوي للفتاوي
Daabacaha
دار الفكر
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1424 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
لَيْلَى فَأَتَاهُ ذُو ضَفْرَتَيْنِ، فَقَالَ: يَا أبا عيسى حَدِّثْنِي مَا سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ فِي الْفِرَاءِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُصَلِّي فِي الْفِرَاءِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَأَيْنَ الدِّبَاغُ. قَالَ ثابت: فَلَمَّا وَلَّى قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ؟» .
وَشَاهِدٌ خَامِسٌ أَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ بْنُ حِبَّانَ، وَالْبَيْهَقِيُّ «عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي الصَّلَاةِ فِي الْفِرَاءِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَأَيْنَ الدِّبَاغُ» .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَأَلَ داود السراج الحسن عَنْ جُلُودِ النَّمِرِ وَالسَّمُّورِ تُدْبَغُ بِالْمِلْحِ قَالَ: دِبَاغُهَا طَهُورُهَا.
فَهَذِهِ أَحَادِيثُ وَآثَارٌ صَرِيحَةٌ فِي الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ صَرِيحٍ، حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، والحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنِ الْجُبْنِ وَالْفِرَاءِ، فَقَالَ: الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ، فَهُوَ مِمَّا عُفِيَ عَنْهُ» - هَذَا الْحَدِيثُ بِنَصِّ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ الْفِرَاءِ كَمَا هُوَ نَصٌّ اسْتَدَلُّوا بِهِ فِي إِبَاحَةِ الْجُبْنِ، وَلِهَذَا بَوَّبَ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ (بَابَ لُبْسِ الْفِرَاءِ)، وَإِنَّمَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ هَذَيْنِ بِخُصُوصِهِمَا لِمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ نَجَاسَتِهِمَا لِمَا فِي الْجُبْنِ مِنَ الْإِنْفَحَةِ، وَلِكَوْنِ الْفِرَاءِ مِنْ مَيْتَةٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الْفِرَاءَ الْمُذَكَّاةَ لَمْ يُحْسِنِ السُّؤَالَ عَنْهَا لِلْعِلْمِ بِطَهَارَتِهَا قَطْعًا، وَقَدْ أَجَابَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْهُمَا مَعًا بِأَنَّهُمَا مِمَّا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ.
وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَاهِدٌ مَوْقُوفٌ عَلَى سلمان، وَأَخْرَجَ عَنِ الحسن مُرْسَلًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَفِي الْبَابِ عَنِ المغيرة يُشِيرُ إِلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ المغيرة وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرُ عَنْ أَنَسٍ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ راشد الحماني قَالَ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَلَيْهِ فَرْوٌ أَحْمَرُ، فَقَالَ: كَانَتْ لُحُفُنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَلْبَسُهَا وَنُصَلِّي فِيهَا، رِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ إِلَّا أحمد بن القاسم، فَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْأَدِلَّةِ، وَلَوْ كَانَ الْفَرْوُ الَّذِي رَآهُ عَلَى أَنَسٍ مِنْ مُذَكًّى لَمْ يَكُنْ مَحَلَّ إِنْكَارٍ حَتَّى احْتَاجَ أَنَسٌ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى طَهَارَتِهَا بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَلْبَسُونَهَا وَيُصَلُّونَ فِيهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلِأَصْلِ حَدِيثِ سلمان شَاهِدٌ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ.
أَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وابن المنذر، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِمَا، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، والحاكم فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَصَحَّحَهُ وَأَقَرَّهُ الذهبي فِي مُخْتَصَرِهِ، وابن مردويه فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: «مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، فَهُوَ حَلَالٌ، وَمَا حَرَّمَ، فَهُوَ حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ، فَهُوَ عَافِيَةٌ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ»، وَنَحْنُ لَا نَقُولُ: إِنَّهُ يُفِيدُهَا فِي الشَّعْرِ قَصْدًا، وَإِنَّمَا يُفِيدُهَا تَبَعًا لِلْجِلْدِ بِدَلَالَةِ الْحَدِيثِ،
1 / 21