16

Hawi Li Fatawi

الحاوي للفتاوي

Daabacaha

دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1424 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

الْأَوَّلُونَ بِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُطْلَقَةٌ فَتُحْمَلُ عَلَى الرِّوَايَاتِ الْمُقَيَّدَةِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ. إِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَنَعُودُ إِلَى مَسْأَلَتِنَا فَنَقُولُ: مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الشَّعْرَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ وَهُمْ أَكْثَرُ الْأَئِمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَلَا إِشْكَالَ عَلَى مَذْهَبِهِ، وَكَذَا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ وَيَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ بِالْمَوْتِ وَأَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ ﵁ فِي أَوَّلِ قَوْلَيْهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِهِ فَهَلْ يَطْهُرُ الشَّعْرُ عِنْدَهُ بِالدِّبَاغِ تَبَعًا لِلْجِلْدِ، أَوْ لَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ عَنِ الشَّافِعِيِّ. قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ: فَإِنْ دُبِغَ جِلْدُ الْمَيْتَةِ وَعَلَيْهِ شَعْرٌ قَالَ فِي الْأُمِّ: لَا يَطْهُرُ الشَّعْرُ ; لِأَنَّ الدِّبَاغَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَرَوَى الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ يَطْهُرُ ; لِأَنَّهُ شَعْرٌ نَابِتٌ عَلَى جِلْدٍ، فَهُوَ كَالْجِلْدِ فِي الطَّهَارَةِ كَشَعْرِ الْحَيَوَانِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، قَالَ النووي فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: هَذَانِ الْقَوْلَانِ لِلشَّافِعِيِّ مَشْهُورَانِ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ، وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ مِنَ الْمُصَنِّفِينَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّيْمَرِيُّ، وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ، وَالْبَغَوِيُّ، والشاشي، والرافعي، وَقَطَعَ بِهِ الجرجاني فِي التَّحْرِيرِ قَالَ: وَصَحَّحَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، والروياني طَهَارَتَهُ قَالَ الروياني: لِأَنَّ الصَّحَابَةَ فِي زَمَنِ عمر ﵁ قَسَّمُوا الْفِرَاءَ الْمَغْنُومَةَ مِنَ الْفُرْسِ، وَهِيَ ذَبَائِحُ مَجُوسَ وَاسْتَدَلَّ مَنْ صَحَّحَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِحَدِيثِ أسامة السَّابِقِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ جُلُودِ السِّبَاعِ»، وَرَوَى أبو داود، وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «عَنِ المقدام بن معد يكرب أَنَّهُ قَالَ لمعاوية: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ لُبْسِ جُلُودِ السِّبَاعِ وَالرُّكُوبِ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ»، وَرَوَى أبو داود «عَنْ معاوية أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ: هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ نَهَى عَنْ رُكُوبِ جُلُودِ النُّمُورِ؟ قَالُوا: نَعَمْ» . قَالَ الْأَصْحَابُ: يُسْتَدَلُّ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّ الشَّعْرَ لَا يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ ; لِأَنَّ النَّهْيَ مُتَنَاوِلٌ لِمَا بَعْدَ الدِّبَاغِ وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَائِدًا إِلَى نَفْسِ الْجِلْدِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ بِالدِّبَاغِ بِالدَّلَائِلِ السَّابِقَةِ، فَهُوَ عَائِدٌ إِلَى الشَّعْرِ، هَذَا مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَأَقُولُ: الَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدِي بِالنَّظَرِ فِي الْأَدِلَّةِ مَا رَجَّحَهُ الإسفراييني والروياني مِنْ طَهَارَةِ الشَّعْرِ بِالدِّبَاغِ. وَقَدْ رَجَّحَهُ أَيْضًا العبادي، وَقَالَ: عَلَيْهِ تَدُلُّ الْآثَارُ، وَصَحَّحَهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ فِي الْمُرْشِدِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ: وَالشَّيْخُ تقي الدين السبكي قَالَ وَلَدُهُ فِي التَّوْشِيحِ: صَحَّحَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونَ طَهَارَةَ الشَّعْرِ بِالدِّبَاغِ قَالَ الْوَالِدُ فِي مَجَامِيعِهِ: وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ وَأَفْتَى بِهِ لِلْحَدِيثِ، وَقَالَ:

1 / 19