Hashiyat al-Qalyubi 'ala Kanz al-Raghibin Sharh Minhaj al-Talibin

Al-Qalyubi d. 1069 AH
60

Hashiyat al-Qalyubi 'ala Kanz al-Raghibin Sharh Minhaj al-Talibin

حاشية القليوبي على كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين

Daabacaha

دار الفكر

Sanadka Daabacaadda

1415 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

مَا لَمْ تَكُنْ صَائِمًا» وَإِسْنَادُهَا صَحِيحٌ كَمَا. قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ. وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنْ يَبْلُغَ بِالْمَاءِ أَقْصَى الْحَنَكِ وَوَجْهَيْ الْأَسْنَانِ وَاللِّثَاتِ. وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ أَنْ يُصْعِدَ الْمَاءَ بِالنَّفَسِ إلَى الْخَيْشُومِ. أَمَّا الصَّائِمُ فَتُكْرَهُ لَهُ الْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا ذَكَرَهُ، فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ. (قُلْت: الْأَظْهَرُ تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) بَيْنَهُمَا (بِثَلَاثِ غُرَفٍ يَتَمَضْمَضُ مِنْ كُلٍّ ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ «تَمَضْمَضْ وَاسْتَنْشِقْ وَاسْتَنْثِرْ ثَلَاثًا بِثَلَاثِ غَرَفَاتٍ» وَقِيلَ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِغَرْفَةٍ يُمَضْمِضُ مِنْهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ مِنْهَا ثَلَاثًا، وَدَلِيلُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِمَا فِي أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى تَطْهِيرِ عُضْوٍ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِمَّا قَبْلَهُ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد حَدِيثَ «أَنَّهُ ﷺ فَصَلَ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ» لَكِنْ فِيهِ رَاوٍ ضَعِيفٌ. وَرَوَى ابْنُ السَّكَنِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالسُّنَنِ الصِّحَاحِ الْمَأْثُورَةِ «أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعُثْمَانَ تَوَضَّآ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَأَفْرَدَا الْمَضْمَضَةَ مِنْ الِاسْتِنْشَاقِ ثُمَّ قَالَا: هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ» (وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ ﷺ «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا»، وَحَدِيثِ أَبِي دَاوُد عَنْ عُثْمَانَ «أَنَّهُ ﷺ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا» . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَابْنِ الصَّلَاحِ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ «أَنَّهُ ﷺ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ»، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ السَّابِقِ «أَنَّهُ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ رَأْسَهُ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ مَرَّةً وَاحِدَةً» . (وَيَأْخُذُ الشَّاكُّ بِالْيَقِينِ) مِنْ الثَّلَاثِ فَيُتِمُّهَا، وَقِيلَ بِالْأَكْثَرِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، وَقِيلَ مُحَرَّمَةٌ، وَقِيلَ خِلَافُ الْأَوْلَى. (وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ ــ [حاشية قليوبي] (فَائِدَةٌ) حِكْمَةُ تَقْدِيمِ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي الْوُضُوءِ أَنَّ بِهَا تَظْهَرُ أَوْصَافُ الْمَاءِ الثَّلَاثَةُ. قَوْلُهُ: (أَمَّا الصَّائِمُ) وَمِثْلُهُ الْمُمْسِكُ هُنَا. قَوْلُهُ: (فَتُكْرَهُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ تَحْرُمْ كَقُبْلَتِهِ لِأَنَّ الْمَنِيَّ سَبَّاقٌ، فَلَوْ عَلِمَ سَبْقَ الْمَاءِ هُنَا حَرُمَ أَيْضًا قِيلَ، وَلِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ هُنَا مَطْلُوبَةٌ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ، وَلِأَنَّ الْقُبْلَةَ رُبَّمَا تُؤَدِّي إلَى فِطْرِ شَخْصَيْنِ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى الْمُبَالَغَةِ لِإِزَالَةِ نَجَسٍ وَجَبَتْ، وَلَا يَفْطُرُ إنْ سَبَقَهُ الْمَاءُ مِنْهَا لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ وَإِلَّا أَفْطَرَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْخَيْطِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْتَنْشِقُ) أَوْ يُخَلِّلُ بَيْنَهُمَا. قَوْلُهُ: (الْقِيَاسُ إلَخْ) قَدَّمَهُ عَلَى النَّصِّ لِعَدَمِ صَرَاحَتِهِ فِي الْفَصْلِ. قَوْلُهُ: (تَوَضَّآ) هُوَ بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَمِثْلُهُ أَفْرَدَا. قَوْلُهُ: (وَتَثْلِيثُ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ) لَوْ أَسْقَطَهُمَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَعَمَّ لِأَنَّهُ يَشْمَلُ السِّوَاكَ وَالنِّيَّةَ وَالتَّسْمِيَةَ وَالدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ عَقِبَهُ وَغَيْرَهَا، وَيَشْمَلُ الْمَسْحُ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ وَالْعِمَامَةِ لَا مَسْحَ الْخُفِّ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَيَحْصُلُ التَّثْلِيثُ بِتَرْدِيدِ مَاءِ الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَخْتَلِطْ بِمَاءِ الْأُولَى وَبِتَحْرِيكِ عُضْوِهِ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ لَا قَلِيلٍ خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا، وَفَارَقَ مَاءَ الِانْغِمَاسِ لِقُوَّتِهِ بِكَثْرَتِهِ وَنَظَرٍ فِيهِ، وَلَيْسَ مِنْ التَّثْلِيثِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً ثُمَّ ثَانِيَةً كَذَلِكَ ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ بَلْ، هُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ تَجْدِيدٌ قَبْلَ صَلَاةٍ بِالْأَوَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ لِمَا فِيهِ مِنْ خُرُوجِ إسَاءَتِهِ بِالنَّقْصِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا لِعَدَمِ حُصُولِ التَّثْلِيثِ، فَالْوَجْهُ الْحُرْمَةُ، وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ إذَا جَدَّدَ بَعْدَ الثَّلَاثِ قَطْعًا لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ فَاسِدَةٌ، وَقَدْ يُطْلَبُ تَرْكُ التَّثْلِيثِ نَدْبًا كَخَوْفِ فَوْتِ جَمَاعَةٍ لَا يَرْجُو غَيْرَهَا، أَوْ وُجُوبًا كَضِيقِ وَقْتٍ أَوْ قِلَّةِ مَاءٍ أَوْ احْتِيَاجِهِ لِشُرْبِهِ أَوْ كَانَ مُسَبَّلًا أَوْ مَغْصُوبًا وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَاءٍ يَكْفِي لِوَاجِبٍ فِي مَنْدُوبٍ. قَوْلُهُ: (وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ) إنْ كَانَتْ فِي مَاءٍ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ، وَيَحْرُمُ فِي الْمَاءِ الْمُسَبَّلِ وَلَوْ لِلطَّهَارَةِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ الْوَجْهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَقِيلَ مُحَرَّمَةٌ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ قَبِيحَةٌ وَقَوْلُهُمْ: تَرْكُ سُنَّةٍ أَوْلَى مِنْ الْوُقُوعِ فِي بِدْعَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى بِدْعَةٍ مُتَيَقِّنَةٍ كَالْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ مِمَّا ذَكَرَ كَذَا قَالُوهُ، وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ بِالْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَةِ الشَّارِعِ أَوْلَى بِالْمُرَاعَاةِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ. قَوْلُهُ: (وَمَسْحُ كُلِّ رَأْسِهِ) وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَسْحِ نَاصِيَتِهِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ مَسْحِ رُبُعِ رَأْسِهِ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَقَلَّ مِنْهُ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْخُنْثَى وَالْمَرْأَةُ وَيَقَعُ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ الْوَاجِبِ فَرْضًا وَالْبَاقِي تَطَوُّعًا لِإِمْكَانِ التَّجَزِّي عَلَى الْقَاعِدَةِ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَسْحُ ــ [حاشية عميرة] قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَفْضِيلُ الْجَمْعِ) أَيْ وَأَمَّا أَصْلُ السُّنَّةِ فَيَحْصُلُ بِكُلِّ كَيْفِيَّةٍ مِنْ ذَلِكَ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِهِ إلَى آخِرِهِ) هَذَا أَصْرَحُ مِنْ حَدِيثِهِ السَّابِقِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا سَبَقَ فِعْلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا إنْ كَانَ مَرْجِعُ الْإِشَارَةِ إدْخَالَ الْيَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَانَتْ تِلْكَ الرِّوَايَةُ مُقَيِّدَةً لِلْغَرْفَاتِ الثَّلَاثِ كَمَا هُنَا، وَإِنْ كَانَ مَرْجِعُهَا مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. قَوْلُ الشَّارِحِ: (وَدَلِيلُ الْفَصْلِ الْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِمَا إلَى آخِرِهِ) هَذَا قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْ كَيْفِيَّتَيْ الْوَصْلِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ.

1 / 61