Hashiyat Ibn Abidin

Ibn Abidin d. 1252 AH
85

Hashiyat Ibn Abidin

حاشية ابن عابدين

Daabacaha

شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1386 AH

Goobta Daabacaadda

مصر

وَبَعْدَ كُلِّ خَطِيئَةٍ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ. وَرُكْنُهَا: غَسْلٌ وَمَسْحٌ وَزَوَالُ نَجَسٍ. وَآلَتُهَا: مَاءٌ وَتُرَابٌ وَنَحْوُهُمَا. وَدَلِيلُهَا آيَةُ - ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ﴾ [المائدة: ٦]- وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ إجْمَاعًا. وَأَجْمَعَ أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ الْوُضُوءَ وَالْغَسْلَ فُرِضَا بِمَكَّةَ مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ بِتَعْلِيمِ جِبْرِيلَ ﵇، وَأَنَّهُ ﵊ لَمْ يُصَلِّ قَطُّ إلَّا بِوُضُوءٍ، بَلْ هُوَ شَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا، بِدَلِيلِ «هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ ــ [رد المحتار] الْوُضُوءِ مِنْهُ، وَهَذَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ أَفَادَهُ ط. (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ كُلِّ خَطِيئَةٍ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا ذَكَرَهُ مِمَّا هُوَ خَطِيئَةٌ وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ مِنْ تَكْفِيرِ الْوُضُوءِ لِلذُّنُوبِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الْعُلَمَاءِ) كَمَسِّ ذَكَرِهِ وَمَسِّ امْرَأَةٍ. (قَوْلُهُ: وَرُكْنُهَا) هُوَ فِي اللُّغَةِ الْجَانِبُ الْأَقْوَى. وَفِي الِاصْطِلَاحِ الْجَزَاءُ الذَّاتِيُّ الَّذِي تَتَرَكَّبُ الْمَاهِيَّةُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْحَلَبِيِّ. (قَوْلُهُ: غُسْلٌ وَمَسْحٌ وَزَوَالُ نَجَسٍ) أَيْ مَجْمُوعُ الثَّلَاثَةِ، فَفِي النَّجَاسَةِ الْمَرْئِيَّةِ زَوَالُ عَيْنِ النَّجَسِ، وَفِي غَيْرِ الْمَرْئِيَّةِ وَالْحَدَثِ الْأَكْبَرِ غُسْلٌ فَقَطْ، وَفِي الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ غُسْلٌ وَمَسْحٌ، وَأَمَّا نَحْوُ الْعَصْرِ وَالتَّثْلِيثِ فَمِنْ الشُّرُوطِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا) مِنْ مَائِعٍ وَذَلِكَ وَذَكَاةٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْمُطَهَّرَاتِ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ) لِأَنَّهَا مِنْ الْمَائِدَةِ، وَهِيَ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا. [فَائِدَةٌ] الْمَدَنِيُّ مَا نَزَلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ، وَالْمَكِّيُّ مَا نَزَلَ قَبْلَهَا وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَكَّةَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ حَكَاهَا السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ ط. (قَوْلُهُ: وَأَجْمَعَ أَهْلُ السِّيَرِ) جَمْعُ سِيرَةٍ أَيْ الْمَغَازِي، وَهَذَا رَدٌّ لِمَا يُقَالُ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ بِلَا وُضُوءٍ إلَى وَقْتِ نُزُولِ آيَةِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّك ذَكَرْت أَنَّ آيَةَ الْوُضُوءِ مَدَنِيَّةٌ مَعَ أَنَّ الصَّلَاةَ فُرِضَتْ بِمَكَّةَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، بَلْ فِي الْمَوَاهِبِ عَنْ فَتْحِ الْبَارِي أَنَّهُ كَانَ ﷺ قَبْلَ الْإِسْرَاءِ يُصَلِّي قَطْعًا وَكَذَلِكَ أَصْحَابُهُ، وَلَكِنْ اُخْتُلِفَ هَلْ اُفْتُرِضَ قَبْلَ الْخَمْسِ شَيْءٌ مِنْ الصَّلَاةِ أَمْ لَا؟ فَقِيلَ إنَّ الْفَرْضَ كَانَ صَلَاةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا - ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا﴾ [طه: ١٣٠]-. اهـ. (قَوْلُهُ: مَعَ فَرْضِ الصَّلَاةِ) إنْ أُرِيدَ بِهَا الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ أَشْكَلَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا أَنَّهُ ﷺ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَهَا قَطْعًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَعِيَّةَ لِلْمَكَانِ لَا لِلزَّمَانِ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاضِ بِلَا وُضُوءٍ؛ وَلِذَا عَمَّمَ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَأَنَّهُ ﵊ إلَخْ. مَطْلَبٌ فِي تَعَبُّدِهِ ﵊ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ شَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا) انْتِقَالٌ إلَى جَوَابٍ آخَرَ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّهُ ﵊ قَبْلَ مَبْعَثِهِ كَانَ مُتَعَبِّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ لَمْ يَنْقَطِعْ مِنْ بَعْثَةِ آدَمَ وَلَمْ يُتْرَكْ النَّاسُ سُدًى قَطُّ، وَلِتَظَافُرِ رِوَايَاتِ صَلَاتِهِ وَصَوْمِهِ وَحَجِّهِ، وَلَا تَكُونُ طَاعَةٌ بِلَا شَرْعٍ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ مُوَافَقَةُ الْأَمْرِ وَكَذَا بَعْدَ مَبْعَثِهِ ﵊، وَبُسِطَ ذَلِكَ فِي التَّحْرِيرِ وَشَرْحِهِ، وَسَيَأْتِي أَوَّلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْمُخْتَارَ عِنْدَنَا عَدَمُهُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵁ وَفِي آخِرِهِ «ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ هَذَا وُضُوئِي» إلَخْ ". مَطْلَبُ لَيْسَ أَصْلُ الْوُضُوءِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، بَلْ الْغُرَّةُ وَالتَّحْجِيلُ وَدُفِعَ بِأَنَّ وُجُودَهُ فِي الْأَنْبِيَاءِ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ فِي أُمَمِهِمْ؛ وَلِهَذَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَقِيَّةِ الْأُمَمِ دُونَ أَنْبِيَائِهِمْ، لِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ «إنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ» .

1 / 90