حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

Ibn Ahmad Dasuqi d. 1230 AH
3

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

Daabacaha

دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Goobta Daabacaadda

بيروت

Noocyada

Maaliki
الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي فَضْل عُلَمَاء الشَّرِيعَة عَلَى مِنْ سِوَاهُمْ وَجَعَلَهُمْ مَلْجَأ لِعِبَادِهِ فِي الدَّارَيْنِ ــ [حاشية الدسوقي] إلَّا بِالنَّذْرِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْبَسْمَلَةَ وَاجِبَةٌ عِنْدَ الذَّكَاةِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْوَاجِبُ مُطْلَقُ ذِكْرِ اللَّهِ لَا خُصُوصُ الْبَسْمَلَةِ كَمَا عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ تَجِبُ بِالنَّذْرِ وَلَوْ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ رَابِعِ النَّحْرِ وَمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ لَا يَجِبُ أَنْ يُوفِيَ بِذَلِكَ النَّذْرِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ خُصُوصًا وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا فِي الْفَرِيضَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُلَاحَظٍ بِالنَّذْرِ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْ الْخِلَافِ وَإِلَّا كَانَتْ وَاجِبَةً قَوْلًا وَاحِدًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ مُبَاحَةً؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مَرَاتِبِهَا أَنَّهَا ذِكْرٌ، وَأَقَلَّ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ الْمُوهِمُ لِذَلِكَ وَقَوْلُ الشَّاطِبِيِّ (وَفِي الْإِجْزَاءِ خَيْرُ مَنْ تَلَا) الْمُرَادُ بِهِ عَدَمُ تَأَكُّدِ الطَّلَبِ وَنَفْيُ الْكَرَاهَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ أَصْلَ النَّدْبِ ثَابِتٌ وَأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَهَا حَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ، وَكَوْنُ الْإِنْسَانِ يَذْكُرُ اللَّهَ وَلَا ثَوَابَ لَهُ بَعِيدٌ جِدًّا (قَوْلُهُ: الَّذِي) نَعْتٌ لِاسْمِ الْجَلَالَةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَوْصُولَ وَصِلَتَهُ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْتَقِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُفَضِّلِ لِعُلَمَاء الشَّرِيعَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ التَّعْبِيرِ بِالْوَصْفِ الْمُشْتَقِّ لِلْمَوْصُولِ مَعَ أَنَّ الْمُشْتَقَّ أَخْصَرُ؛ لِأَنَّ صِفَاتِهِ تَعَالَى كَأَسْمَائِهِ تَوْقِيفِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ عَلَيْهِ إلَّا مَا وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ إطْلَاقُهُ وَلَمْ يَرِدْ إطْلَاقُ الْمُفَضِّلِ عَلَيْهِ فَلِذَا تُوُصِّلَ بِالْمَوْصُولِ لِوَصْفِهِ بِصِلَتِهِ. وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْمَوْصُولَ وَصِلَتَهُ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْتَقِّ وَأَنَّ الْمَوْصُوفَ وَصِفَتَهُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْحَمْدَ الْوَاقِعَ مِنْ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَةِ نِعَمِهِ فَيُثَابُ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ لَا أَنَّهُ مُطْلَقٌ وَاقِعٌ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتِ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ (قَوْلُهُ: الشَّرِيعَةِ) الْمُرَادُ بِهَا الْأَحْكَامُ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ لِعِبَادِهِ وَبَيَّنَهَا لَهُمْ بِمَعْنَى النِّسَبِ وَهِيَ كَمَا تُسَمَّى شَرِيعَةً بِاعْتِبَارِ تَشْرِيعِ الشَّارِعِ لَهَا تُسَمَّى أَيْضًا مِلَّةً بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا تُمْلَى لِتُكْتَبَ وَتُسَمَّى أَيْضًا دِينًا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُتَدَيَّنُ وَيُتَعَبَّدُ بِهَا وَالْمُرَادُ بِعُلَمَاءِ الشَّرِيعَةِ الْعُلَمَاءُ الْمُزَاوِلُونَ لَهَا تَقْرِيرًا وَاسْتِنْبَاطًا وَإِفَادَةً (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ) أَيْ عَلَى مَنْ كَانَ مُغَايِرًا لَهُمْ: أَيْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ عُلَمَاءَ الشَّرِيعَةِ أَفْضَلَ وَأَشْرَفَ مِمَّنْ كَانَ مُغَايِرًا لَهُمْ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ سِوَى بِمَعْنَى غَيْرَ وَقَالَ غَيْرُهُ أَنَّهَا اسْمُ مَكَان وَفِي هَذَا بَرَاعَةُ اسْتِهْلَالٍ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ أَنَّهُ يَذْكُرُ فِي هَذَا الْكِتَابِ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ (قَوْلُهُ: فِي الدَّارَيْنِ) أَيْ

1 / 4