Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Noocyada
بالنسبة بخلاف ما إذا كان غير المغضوب عليهم بدلا لأن المتبوع حينئذ يكون في حكم الساقط ويكون ذكره لمجرد جعله توطئة للتابع ولما جعل الإيمان نعمة مطلقة بناء على أنه نعمة في نفسه يتخلص بها المرء من الخلود في النار ويستحق دخول الجنة والتنعم بنعيمها أبد الآباد من غير شرط شيء من الأعمال بخلاف الأعمال فإن شيئا منها ليس نعمة مطلقا، وإنما يكون نعمة بشرط الإيمان اختار المصنف رحمه الله أولا كون الذين أنعمت عليهم عبارة عن المؤمنين ثم صرح بأن المراد تعميم النعم الأخروية لما يكون وسيلة إليها من النعم الدنيوية وحمل النعمة ههنا على نعمة الإيمان موافق لما اختاره أولا. ثم إن الإيمان المذكور في هذا الموضع يحتمل أن يراد به الإيمان المستتبع لثمراته من تخلية النفس عن الرذائل وتحليتها بالفضائل المؤدية إلى النعم الأخروية وأن يراد به مجرد الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وما فيه من الحساب والجزاء. فإن حمل الإيمان على الإيمان الكامل يكون قوله: غير المغضوب عليهم صفة مبينة لأن المنعم عليهم بمثل هذا الإيمان لا يتناول المغضوب عليهم وغير المغضوب عليهم حتى يكون قوله غير المغضوب عليهم صفة مقيدة، وإن حمل على مجرد التصديق بما يجب أن يؤمن به يكون صفة مقيدة لأن المنعم عليهم بمجرد الإيمان قد يكون مغضوبا عليهم وقد لا يكون كذلك فلما وصفوا بقوله: غير المغضوب عليهم خرج المغضوب عليهم وأهل الضلال من عموم المنعم عليهم بالإيمان وتعين أن المراد بهم من له السلامة من الغضب والضلال. واعلم أن الغضب تغير يحصل عند غليان دم القلب إرادة الانتقام ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «اتقوا الغضب فإنه جمرة توقد في قلب ابن آدم ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه». وإذا وصف به البارىء سبحانه وتعالى يراد به إرادة الانتقام لا غير. قال الإمام الرازي رحمة الله تعالى عليه: هنا قاعدة كلية وهي أن جميع الأعراض النفسانية مثل الرحمة والفرح والسرور والغضب والحياء والغيرة والخداع والاستهزاء لها أوائل ولها أيضا غايات، فإن الغضب مثلا أوله غليان دم القلب وغايته إرادة إيصال الضرر إلى المغضوب عليه فلفظ الغضب في حق الله تعالى لا يحمل على أوله الذي هو غليان دم القلب بل يحمل على غايته التي هي إرادة الإضرار، وكذا الحياء أوله انكسار ما يحصل في النفس وغايته ترك الفعل فلفظ الحياء في حق الله تبارك وتعالى يحمل على ترك الفعل لا على انكسار النفس، وهذه قاعدة شريفة في هذا الباب إلى هنا كلامه. والضلال العدول عن الطريق المستقيم وقد يعبر به عن النسيان كما في قوله تعالى: أن تضل إحداهما [البقرة: 282] بدليل قوله تعالى بعده: فتذكر إحداهما الأخرى [البقرة: 282] والضلال أيضا الخفاء والغيبة وبمعنى الهلاك أيضا، فمن الأول
Bogga 101