مؤثر واجب لذاته تدل على وجوده. وإنما جمعه ليشمل ما تحته من الأجناس المختلفة، وغلب العقلاء منهم فجمعه بالياء والنون كسائر أوصافهم.
إنه موضوع للأجناس التي سميت به لا لأفراد كل جنس. ورد أن يقال إن الأفراد هو الأصل والأخف وإن المعرف يفيد استغراق الأجناس والأفراد معا فما الفائدة في جمعه؟ فأجاب عنه المصنف بقوله: «وإنما جمعه ليشمل ما تحته من الأجناس أي ليظهر شموله لجميع أفراده ما تحته من الأجناس ظهورا خاليا عن الاحتمال لا شموله للأجناس نفسها لأن المقصود من توصيف ذات المحمود بكونه رب العالمين تعظيمه ببيان شمول ربوبيته لآحاد الأشياء المخلوقة كلها لا لأجناسها فقط، فإن قيل: كيف جعل الشمول فائدة الجمع والجمع إنما يدل على تعدد أجناس مسماه لا على شمول تلك الأفراد؟ قلنا: لم يجعل الشمول فائدة نفس صيغة الجمع مع قطع النظر عن تعريفها ليصح جعل رب صفة للمعرفة من لفظ الجلالة وكأنه قيل: وإنما جمع العالم المعرف مع أن فائدة استغراق الأجناس والأفراد تحصل بالمفرد المعرف، وأجيب بأن الاستغراق المذكور وإن كان يحصل به إلا أنه ليس حصولا قطعيا خاليا عن الاحتمال فإنه لو أفرد معرفا باللام لاحتمل أن يتوهم أن اللام للاستغراق، والمقصود استغراق أفراد جنس واحد أو يتوهم أنها للجنس أي حقيقة ما يعلم به الصانع وهو القدر المشترك بين الأجناس فلما جمع زال كل واحد من الاحتمالين المذكورين. أما زوال الثاني فظاهر لأنه يفيد كل البعدان يقصد بالجمع المعرف باللام نفس الجنس المسمى بمفرده لاستلزامه إلغاء صيغة الجمع وإبطال معناها، وأما زوال الأول فكذلك لأنه لما أشير بلفظ الجمع إلى تعدد الأجناس التي هي آحاد مفردة تعين أن تكون اللام لاستغراق تلك الآحاد واستغراق أفراد جميعها وزال احتمال كونها لاستغراق أفراد جنس واحد.
قوله: (وغلب العقلاء منهم) أي ما يعلم به الصانع وهو إشارة إلى جواب سؤال مقدر تقديره أن الاسم إنما يجمع بالواو والنون أو بالياء والنون بشرط أن يكون صفة للعقلاء أو يكون في حكمها وهو إعلام العقلاء إذا وقع فيه الاشتراك واحتيج إلى تثنيته أو جمعه فيثنى ويجمع حينئذ بأن يؤول زيد مثلا بالمسمى بهذا اللفظ فيقال الزيدون يتناول المسمون بزيد فيجمع بهذا الجمع في حكم صفة العقلاء، والعالم بمعنى ما يعلم به الصانع ليس بصفة لما صرح به من أنه اسم لما يعلم به فضلا عن كونه صفة للعقلاء وليس أيضا من الأعلام التي هي في حكم الصفة فلم يجمع يجمع العقلاء ولم يتعرض في الجواب لبيان وجه الوصفية.
ولعله ادعى كونه ظاهرا غير محتاج إلى البيان من حيث إنه وإن كان اسما إلا أنه يشبه الصفة من حيث كونه موضوعا للذات مع ملاحظة معنى قائم به وهو كونه بحيث يعلم به الصانع وهذا القدر من الوصفية لا يقتضي صحة جمعه بالواو والنون، ولهذا لا يجمع بهما الرجل
Bogga 68