يتصور ذاته المخصوصة، وتوضع ألفاظ دالة على ما فيه من المعاني من غير أن يوضع ما يدل على ذاته المخصوصة.
قوله: (ولا يصلح له) أي لا يصلح لأن يكون اسما لذاته المخصوصة من بين أسمائه تعالى سوى لفظ الجلالة لعدم ظهور معنى الوصفية فيه بخلاف سائر أسمائه الحسنى فإنها صفات مشتقة بلا خفاء. قوله: (ولأنه لو كان وصفا لم يكن قول لا إله إلا الله توحيدا) وذلك لأنه لو كان وصفا لكان كليا لأن مفهوم الصفة شيء ما حصل له المشتق منه وهذا مفهوم كلي غير مانع من وقوع الشركة فيه. ولا يخفى أن إثبات ما يصح اشتراكه بين كثيرين لا يستلزم التوحيد وعدم كونه توحيدا باطل لإجماع العقلاء على أنه توحيد إلا أن هذا الدليل إنما يدل على عدم كونه وصفا بناء على كونه مستلزما للمحال وعدم كونه وصفا لا يستلزم كونه علما لذاته المخصوصة لجواز كونه اسم جنس فلا يثبت به المدعي، فالظاهر أن يقال ولأنه لو لم يكن علما سواء كان صفة أو اسم جنس لم يكن قول لا إله إلا الله توحيدا فإن الدليل حينئذ يثبت علميته بناء على كون عدمها مستلزما للمحال. قوله: (والأظهر أنه وصف في أصله) اختار المصنف هذا المذهب بشهادة قوله: «والأظهر» واستدل عليه بما سيأتي من قوله: «لأن ذاته تعالى من حيث هو ذاته غير معقول للبشر» فيمتنع أن يوضع لفظ يدل عليه بخصوصه سواء كان الواضع هو الله تعالى أو البشر، أما الأول فلأن الحكمة في تخصيص اللفظ بإزاء المعنى تفهيم ذلك المعنى لنا عند إطلاقه وذلك إنما يتصور في المعاني المعقولة للبشر، وأما الثاني فظاهر لأن البشر إنما يضع اللفظ بإزاء ما تعقله من المعنى إلا أن إثبات كونه وصفا في الأصل لما توقف على دفع الدلالة التي أوردها، لإثبات كونه علما لذاته المخصوصة دفعها أولا فقال: «لكنه لما غلب عليه» إلخ يعني أن إجراء الأوصاف عليه لا يتوقف على أن تضع بإزاء ذاته المخصوصة علما قصديا بل يصح ذلك بأن يكون ما هو بمنزلة العلم القصدي في إفادة التعيين كالثريا والصعق فإنهما وصفان في الأصل إلا أن الأول صار علما للكواكب المجتمعة المسماة ببنات نعش الصغرى، والثاني صار علما لخويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب بالغلبة بحيث صار كالعلم القصدي في إفادة التعيين وعدم استعمالهما في غير ما غلبا عليه. روي أن خويلدا كان يطعم الناس بتهامة فهبت ذات يوم ريح شديدة فسفت التراب في جفانه فشتمها فرمي بصاعقة فقتلته فسمي صعقا. أما أنهما وصفان فى الأصل فكان الثريا تصغير ثروى تأنيث ثروان صفة مشبهة من القراء وهو كثرة المال أو من الثروة وهي كثرة العدد، وفي الصحاح: الثراء كثرة المال ومال ثري على فعيل أي كثير ومنه رجل ثروان وامرأة ثروى وتصغيرها ثريا والثروة كثرة العدد، يقال: إنه لذو
Bogga 52